نبض نخلة: أنا لستُ أنا//الكاتب مصطفى محمد كبار

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2022

أنا لستُ أنا//الكاتب مصطفى محمد كبار

 أنا لستُ أنا


ياليتني أنا معي

يوماً 

أجمع بقايا حزني و قوافل

أدمعي

يا ليتني أرتبُ وجه الدروب

المبعثرة

بين سراديب الأوجاع

في أضلعي

و أشمُ رائحتي الهاربة

و أغفو حيناً بطيب 

أطبعي

و أرسو بمراكبي الغارقة

بمرسى الغيوم

فيا ليتني أنا معي

يوماً

لأسترد من فجور الليالي

ونسي الغائب

و أستطيع أن أحمل

جسدي مع الراحلين و أنام

قليلاً من وهج مصرعي

و يا ليتهُ يأتي من الغد البعيد

غسقي الخجول

و صوت الأمس الراحل بصدى 

العيد على مسمعي

فكم أنا بحاجة إلى اللقاء

معي

كم أنا أشتاق لذاتي المفقود

بمخدعي

فيا ليتني أضع رأسي على صدري

متأملٌ فرحي

لكي أرتاح من زمن الهموم

و الأرق من زمن الهلعِ

يالتني مثل عبث الهواء 

يحملني الريح نحو المجهول

البعيد 

لأنسى لعنة هذا الزمان 

لأمحو من ذاكرتي صور

المكان

لأحيا لحظة قبل قدوم الموت

لأرسم عيدي بعيداً عن ظلم

الأنسان

فقد تعبت و مللت من سكرة الموت 

بزمن النسيان

فأنا أبحث عني منذ زمنٍ

طويل

و لا أدرك بعد متى أنا متُ باكياً

و صرتُ غريباً عني

فأين ظلي المهزوم من جسدي 

الساقط

و أين أنا مادمتُ لا أنتمي لذاك

الغياب

فليتني أعيدُ من موتي سر

رائحتي الدافئة

يا ليتني أرجع للوراء لألف 

عام

لأكتب وصية الأيام بكتب

السماء العديمة 

فويلي لي أنا بهذا الزمان

المر

و الجرح لي أنا

و الندمُ لي أنا

و لكن متى كنت أنا

أنا

فيا أيها الحب متى سألقى ثوب

الوفاء منك

متى ستكتب على الشمس

صدق أغانينا

فأنا قد ورثتُ من دنياك

قتلي

فأين أولئك العشاق الذين

ناموا بين الحكايا

القديمة

فأني أحببتُ بصدق و بشدة

إمرأة مجنونة

فكانت إنهياري مدوياً و

موجعاً

فيا لخيبتكَ يا حب بزمن

التافهين

فقد باتَ حتى الكلاب تتكلم

بلغتك و بعاطفتك يا حب

فهات يدك يا أنا

و لنمضي نحو البعيد هاربين من 

وجع الحياة

فهنا لا أثر لكَ أنت 

و لا أثر لي  

فأنا مقتولٌ منذُ إنكسار حلمي

القديم

و أنتَ مقتولٌ منذُ ولادة النمل

معي

فأجمع حقائبكَ يا أنا لنرحل

منكسرين و منهزيمين 

فلا الزمانُ زماننا ولا المكان

مكاننا

فأمسك بيدي جيداً بسفر الموج

نحو الأعماق يا أيها الجرح

و أركب جناح الغيم الغريب 

و حلق بضبابية الأحلام الحاقدة

عالياً

و لا تعبث بجسد الأموات

القدامى 

فأنا أنت المنثور و أنتَ أنا

المغدور

فنحن نشبه بعضنا في الوجع

دائماً و نبكي معاً

و لكننا مختلفان بعبث المرايا

بالقصيدة 

فالنكتب ذاك المعنى الغائب في

القصيدة 

فالقد أتعبتني يا أنا بسيرة  

الوجع و أتعبتك

فأنتَ لست مثلي و أنا لست

مثلك

لكننا كشخصٌ واحد بجسدٍ واحد

مهزوم 

نائمين في السراب كزهرةٍ مكسورة

في الثلج  

مقتولة منذ الأزل

فأنا هو نفسهُ ذاك الغائب

بدنياك

و أنت هو نفسهُ ذاك الغائب

بدنياي

فأمشي معي يا شبحي دون

كلام أو همس

لنمشي بصحراء الأيام كالرياح الحالمة

في المدى الغبارة

لنعطي الحكاية معناً خافياً لسراب

القادمات

فليتكَ لم تكن معي يا أنا

و لم أكن معك عند الولادة

فأنا مثلُ كتب الموت المنسية

في مقابر القتلى القدماء

فقد أجمع من وحشة الأيام

غبار السنين على دروب

الموتى 

الغالفين بوقت النوم أمام

أبواب الأحلام

أحاول من مر الوقت أن أجد لك

ذاتي

فأنا كالشبح المشلول بعتمة  

الليل

ألهو في ظلامي وجعاً يكسرني

و كأني غير موجود في كتب

الحياة

أنا ملكُ عرش الهوامش المنسي

بجسد الحجارة

أرقصُ وجعاً بين جدران الأزمنة

المنقلبة لوحدي مع جثتي

فأنا لم أكن يوماً كطائرٍ مع الريح

يرقص سعيداً

فقد كنتُ أبحث عني من بين

الأموات الخاسرين

لأكمل سيرتي الذاتية بوجع

القصيدة 

فوجدتُ قصيدتي كضحية ينقصها

ترتيب الدفن من بين كآبة 

الأيام

فأنا الغائب عني بوقت 

الحياة

أبكي في سفري القديم بذاكرتي

المتعبة

و لم أعد أتذكر متى إنكسرت

بأولى البدايات 

و لم أعد أشعر بذاتي المكسور

فعلى درب اليأس أعلنتُ 

سقوطي


فأنا لستُ أنا


أنا لستُ أنا  


الكاتب 

مصطفى محمد كبار 

15.11.2022



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 مسارٌ أبهى//الكاتب سيد حميد عطاالله الجزائري.

 مسارٌ أبهى هنا عمرُ ابنِ آدمَ كالسجارَه فما يبقى لديه سوى المرارَه فلم يجنِ سوى الخرشوفِ منه فقد أمست خراشفُهُ ثمارَه يتمّمُ عمرَهُ جريًا ف...