دعوة الحق برأس البر
خُطبة الجُمعة
مُقدمةٌ:استهَّل َالشيخُ الكريمُ خطبته بالحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد المُرسلينﷺأمابعد:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ،وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِأَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَاهَادِيَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنْ لَاإِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وعلى آله وأصحابه أئمة الهُدى ومصابيح الدُجى ومن تبعهم واقتفى وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، وقال تَعَالَى(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّاوَأَنتُم مُسْلِمُون)102من سورةآلِ عمران، وقال تعالى(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوارَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَالسَّاعَةِ شَيْئٌ عَظِيمٌ)1الحج .
(الاتحادُ قُوةٌ) وجوبُ اتحادِ الأُمةِ :
مُقدمةٌ:لكيْ نُواجهَ التحدياتِ المُتعددةَ التي تتعرَّضُ لها أمتنا العربية والإسلامية،لكيْ يتسَّنَّى لنا تعزيزَ وحدة وتماسك مُجتمعنا،فعليْنا نُدْرِكُ أنَّ في الاتحادِ قُوةً،وذلك لا يتأتَّى إلا عبر استثمارِ القيمِ الإسلامية السامية التِي تُؤَكِّدُ على ضرورة الاجتماع والتكاتف بين المُؤمنين،وتوجيه أفراد الأمة نحوالقيم الأخلاقية والاجتماعية السليمة،خاصةًفي ظل ِّالظُروفِ التِي يمُرُّبها العالمُ من مُتغيراتٍ سياسيةٍ،اجتماعية،اقتصادية ولنتذكَّرَجميعُنا أنَّ سرَّالقُوةِ في الوحدة،وهي أساس بناء الأمم،والتفرق سببُ الضعفِ والهوانِ.
قال تعالى:{وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا}آل عمران،الآية 103 .
وفي حديثِ النبي ﷺالقُدوة والأُسوة والذي صحَّحه الألباني في الصحيحة،ورُويَ في الصحيحيْن البُخاري ومُسلم:عن أنس بن مالك رضيَ الله عنه وأرضاه عن رسول الله ﷺ قال:(المُؤمنُ للمُؤمنِ كالبُنيان يشدُّ بعضُه بعضًا وشبك بين أصابعه ويقول ﷺ:(من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)ويقول ﷺ:(والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)،وهذا كله يدعوللترابطِ ويحثُّ على التكافلِ بين أفرادِ المُجتمع.
فهلْ يقومُ بنيانٌ على أعمدةٍ مُتنافرةٍ؟وهلْ تصمدُ جدرانٌ من لبناتٍ مُتباعدةٍ؟إنَّما القُوةُ في التماسكِ،والمتانةُ في التلاحمِ،كلُّ فردٍ في الأمةِ لَبِنةٌ،لاغِنَى عنها،ولا يَكْتمِلُ الصرحُ إلا بِها،فلمْ يَكُنْ هذا الاتحادُ خيارًا يتركُ أوفضيلةٌ يُستحبُّ فِعْلُها،بلْ كانَ أمرًا إلهيًّا صارمًا،وواجبًا شرعيًّا لازمًا .
الاتحادُ سُنَّةٌ كونيةٌ من سننِ الكوْنِ :
فإنّ للكَوْنِ سُننًا لا تتبدَّلُ،وقوانينَ لا تتغيرُ،ومن أثبتِ هذه السننِ وأوضحِها بيانًا،وأصدقِها بُرهانًا،أنَّ الاجتماعَ قوةٌ والافتراقَ هوانٌ،وأنّ الوحدةَ صرحٌ يعلو به البنيانُ،والفُرقةَ صدعٌ يُوهِي الأركانَ .
فما اجتمعت قطراتُ المطرِإلا شكلتْ سيلًا جارفًا،ولا تلاقتْ ذراتُ الرملِ إلا وصنعتْ جبلًا راسخًا،ولا تضامّتْ أيدي المؤمنين إلا بَنتْ مجدًا شامخًا،واللسان النبويُّ يسردُ هذاالمعنى الرفيعَ في الحديثِ الشريفِ
التحذيرُ من أسباب ِ الفُرْقةِ ومخاطرِها: ونُوجِزُها فيما يلي :
التعصبُ للرأي،والانتصارللنفس،واتباع الهوى،والغرق في التفاصيل على حساب الكُليات،ومثل هذه السلوكيات تُؤدي إلى ضعف المُجتمعِ وذهابِ هيبتِه،أيضاً العنف المُجتمعي،وخاصة ً على مُحيط الأسرة
في من الآفاتِ الاجتماعية الخطيرة التِي تُهددُ النسيج الاجتماعي والأسري،ولندعُوَ إلى التسامحِ،والتكاتف داخل المُجتمعِ لتجاوزِما يُواجهه من صعوباتٍ على كافةِ الأصعدةِ،والعوْدة إلى قيمِ الرحمةِ والمودةِ والتِي هي جوهرُإسلامنا الحنيفِ .
لِمَاذّا في الاتحادِ قُوةٌ .؟ :
أيها الكرامُ،كُونُوا جميعًا كما أرادَ لكم ربُّكم،بُنيانًا مرصُوصًا،وجسدًا واحدًا،ليعطفْ غنيُّكم على فقيرِكم، وليرحمْ قويُّكم ضعيفُكم،وليتجاوزْمُحسنُكم عن مُسيئِكم،فاحذَرُوا من أسبابِ الفُرقةِ مثلَ:التعَّصُّبِ للرأيِ، والانتصارِ للنفسِ،واتِّباعِ الهوى،والغرقِ في الجزئياتِ على حسابِ الكلياتِ؛ففي الاتحادِ قوةُ الحياةِ،وفي التفرقِ الضعفُ المُميتُ،فتلامَسُوا حالَ مدينةِ النبيِّ ﷺالفاضلة،كيفَ كانتْ مُجمعَ الفُرقَاءِ،ومَأوَى الأحبابِ، غيْرمُتنازعِين قال تعالى:{وَلَا تَنَٰازَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ}الأنفال 46 وتذهب ريحُكم أيْ تذهبَ قوتُكم وهيبتُكم ومنعتُكم،فتُصْبِحوا غثاءً كغثاءِ السيلِ،فهذا هو موطنُ الداءِ: الفرقةُ،وما أحكمَ قولَ الشاعرِالحكيمِ الذي لخصَ هذه السُنةَ الكَوْنيةَ في شَعْرِه فقال :
تأبَى الرماحُ إذا اجتمعن تكسرًا ** وإذا افترقْنَ تكسَّرتْ آحَاداً
ورُوِيَ في الأثرأنَّ آخرَابتسامةٍ كانتْ لرسولنا الكريم ﷺ وهوفي مرضِه الأخيرحينما نظرإلى قومه وهم يُصلُّون خلفَ أبي بكرٍرضيَ الله عنه وأرضاه،كما تروِي أمنا أمُّ المُؤمني عائشة الصديقة بنت الصديق رضيَ الله عنهما،حيْثُ أفاقَ من مرضِه من الحُمَّى وفُتِحَ له البابُ الذي يُطلُ على الروْضةِ،فوجدَ المسجدَ مليئاً بالناس لأنَّهم كانُوا يَبِيتُون في المسجدِ مُنْذُ مرضِه،فتبَّسَّمَ النبِّيُ ﷺ وكانتْ آخرَابتسامة ٍله من أجل الصلاة،واتحادالقومِ عليْها،فأحسَّ الناسُ به وأنَّه ينظرُإليْهم ويبتسِمُ،فكانوا على وشك الخروج من الصلاة فرحًا لخروجه عليهم،إلاأنَّه أشارَإليْهم أنْ ابقُواوأكملُوا،فرحَ وسُرَّوابتَهَجَ لمنظرِاتحادِهم القوي في صلاتِهم
وعندما كان ينظرُإليْهِم شعرُوا كأنَّ الشمسَ أشرَقتْ عليْهم،مع َأنَّ الوقتَ ليلٌ وقالوا:لمْ نرَرسولَ الله أجملَ ولا أضْوَى من هذا اليوم،ومات رسُولُنا الكريمُ ﷺ في إشراقةِ صباح هذا اليوم الإثنيْن،كما وُلد َفي إشراقة صباح يوم اثنيْنٍ أيضاً،فكأنَّما إشراقةُ الدعوة النبوية الشريفة،وخبُوتِها(بانتشارِها،وذيُوعِها) مع إشراقة الصباح وبزُوغِ شمسِه المُشرقة على الكوْنِ .
كلمةٌ ختاميةٌ :
يا ربنا يا أرحم الراحمين،ويا أكرم الأكرمين،اللَّهُّمَ اجعلنا ممنْ توكَّلَ عليْك فكفيتَه،واستعانَ بك فأعنتَه، واستهدَاك فهديْتَه،ودعَاك فأجبتَه،وسألك فمنحتَه وأعطيتَه،اللهم انصرإخوانَنا المُجاهدين والمُستضعفين في أرضِ العزَّةِ،يا رب العالمين،وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين،والحمد لله رب العالمين،أحسَنَ الشيْخُ وأجادَ،وإلى جمعةٍ قادمةٍ إنْ شاءَ الله إنْ كان في العمرِبقيةً .
أضواءٌعلى خطبة الجُمعة : بإيجازٍعلى الرغم من أهمية ِ وثراءِ الموضوع :
خُطبة الجُمعة المُوافق الثَامِنُ عشَرُمن يُوليُو 2025بمسجدِ(دعوة الحق برأس البر)،اعتلى المِنْبَرَالشيخُ/ وَليدُ صابرٌ،حَفِظَه الله،عنوان الخُطبة(الاتحادُ قوةٌ)النصُوصُ من مصَادِرِها الطبيعية القرآن الكريم والسُنة النبوية المُكرمة،والصياغة.
الكاتب
حُسَيْن نصرالدين .
20/7/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق