التكبر
التكبر: نحت من غرور، وصقل من مجتمع
قراءة في ضوء ثقافة قبلية
للسوء وجوه وللكبر كذلك ولعل من أقبح تلك الوجوه الجمع بين الصفتين: فقبح السليقة، وغطرسة الوجدان ودناءة المعشر هي انعكاس لحامل تلك الصفتين فيعلو استكبارا على من حوله
ولعله على الأقرب فالأقرب، غير مستحيٍ من خطيئته، مبتعدا عن اللين واليسر بين الناس
كأنه مَلَك نزل من سماء ذات بروج يملؤه الطهر، راسما معالم توقيره، وأطر تبجيله غير مكترث بالعامة ولا الخاصة.
نفر من الخلق أضل من أنعام الله يفسد حرث النفوس لا بفعل فقط، بل بمثال رديء لما يبثه من سموم في محيطه من قيء الطباع، ملوثا قيم الفضيلة.
نفر يُعمل نفسه على جر الآخرين إلى حافة التبلد الأخلاقي والتنزل القيمي ظانا أنّه الصواب محترما لقوة ذنبه
(وإذ قيل له إتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد)
فالمتكبر ومن يشاطرونه التغطرس والقبول لفعله والتصفيق لقوله مبتعدون عن مدرسة العدل الإلهي ذات المسار الأصوب والمنهج الأقوم في تشكيل النفس البشرية
مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) التي خطت طريق العلاج لمثل هكذا طباع نشاز يشوبها المرض ويكسوها النقرس
(شر الناس من لا يؤمن شره ولا يرجى خيره)
فالمسيء في الطبع والمتكبر على الآخر يخاف الناس لسانه ويخشى الخيرون قوله فهو لا يستحيي فعل السوء والتقول بالأكاذيب وكأن الحياء قد هجر أرض قلبه وجف ماء جبهته
(من لم تامنه الناس على دمائهم وأموالهم فليس بمؤمن)
وهو إيذان بحرب غير مباشرة من الله (عزّ وجلّ)
إنّ استمرار ذلك المثل -المتكبر- الخارج عن قيم الانسانية المكسو بجلباب الكبر وثوب الاستعلاء على الآخر دون ردع من محيطه
وبلا بناء جدار عزلة له عن مجتمعه
لهو آفة غير ضارة لنفسها فحسب، بل ممتدة لمن حولها
لا تربط الجرباء حول صحيحة
خوفا على تلك الصحيحة تجرب
وهنا فان المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع هي مسؤولية شرعية قيمية عرفية اخلاقية في قطع العلاقة به، والابتعاد عنه وعدم الاقبال عليه والتأطر باطار المنع فلا سلام ولا وئام يشمله وعزله عزلة تامة
فتلك العزلة هي وسيلة تأديب ذات اثر، وطريقة معالجة ناجعة فاعلة
( اذا رأيتم اهل البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم)
فالمجتمع النقي المملوء بالفضيلة لا طريق عنده للتساهل والمجاملة في الجرائم الاخلاقية المكسوة بالكبر والاستعلاء والانفة، حيث ان مقياس المجتمع المرتبط بالله (عزّ وجلّ) والمنخرط في حيز النبل
هو تحجيم الفاسد وتقويض المنحرف في محيطه فمتى ما علت راية الحق سقطت راية الباطل والسوء
الكاتب
عمار جواد الوراد
20/7/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق