نبض نخلة: الطفلة الأميرة // الكاتب عبد الرحمن توفيق صلاح..ج2

الجمعة، 2 يوليو 2021

الطفلة الأميرة // الكاتب عبد الرحمن توفيق صلاح..ج2

 الطفلة الأميرة


وفجاءةً انهال المطر خفيفاً وما لبث إلا لحظات وإذا بهِ ينهمرُ بغزارةٍ، مصحوباً برياحٍ باردة.

وما كان بوسعنا إلا الفِرارُ إلىٰ أحدِ الأماكن الضيقة التي لا يصلها المطر؛ لنحتمي منهُ بها. 


أحتمينا عند عتبة أحد الدكاكين الصغيرة، لكن رغم هذا ظلَّ يلامِسُ أجسادنا شيءٌ من المطرِ الغزيزِ الذي كان ينجرِفُ مع هبوب الـرِّياح. 


بدأت الأصواتُ تصدح في الأرجاء؛ أصوات الفارين، وصوتُ النوافذ وهيَ تُغلق، وأبواقُ السيارات، وصوتُ الرعد أيضاً.


تسربَ البرد إلىٰ أجسادنا شيئاً فشيئاً بِدأً من أطراف أقدامُنا حتىٰ أصابع اليدين، إلىٰ أن أصابتنا القشعريرة وبدأنا في الإرتجاف.


حاولت الطفلةُ الأميرة، أن تُدفيء جسمها بالنفخ علىٰ يديها، لكن كان المطر بارداً جداً وفي حالة تصاعُد ومعه كان يزداد صرير أسنانها إضافةً إلىٰ إرتعاشٍ لا يتوقف!.


خلعتُ معطفي وأدفأتُ بهِ كتفيها، شعرت هيَ لحظتها بالدفءِ قليلاً، ثُم دفنت رأسها في صدري، فبدأ النُّعاسُ يداعبها رويداً رويداً إلىٰ أن سقطت في النوم دون أن تحدث أيَّ ضجة!.

وغفيتُ أنا مثلها في النوم بعدما تعبتُ من مقاومة لسعات البرد القارس.


أما الورود فقد أرهقها المطر الغزيز إلىٰ أن هَزُلَتْ، وانحنىٰ قوامها، ولم تعد تُصِحُّ للبيع!.


وفي لحظات من اللحظات وأنا غاطٌ في النوم، لم أعد أشعر أن رذاذ المطر يُلامِسُ جسدي، لكن كنتُ أسمع قطراته بالقرب مني مع صوت الرعد .. إضافةً إلىٰ صوتٍ باهت بالكادِ يُسمع.


صحوتُ إثرَ هذا الإحساس والصوت، وهزت يدٍ في كتفي ..

فتحتُ عينييَ، فإذ برجُلٍ عجوز يحمِلُ مظلةً ..

"هيي هل تسمعُني .. إصحُ .. يا ولد! "

هذه الكلمات التي كانت ترِنُّ في أُذُني، وما أن فتحتُ عينييَّ، قال لي : 

" لماذا أنتم هُنا .. تعالوا معي، الجو باردٌ للغاية، والمطر مازال متواصلاً .."


نظرتُ إلىٰ الطفلة، كانت مازالت في سباتٍ عميق. 

" تعالوا لتشربوا كوباً من القهوةِ الساخنة ولتدفئوا قليلاً إلىٰ أن يصحو الجو .. "

-هكذا دعنا الرجل العجوز لمنزله-

ثُم أضاف : 

" أوشكت الشمسُ علىٰ الغروب، والمطرُ مازال متواصِلاً .. 

هيا انهضوا! .. 

سوف أعدُّ لكم كوباً ساخناً من القهوة، وأرمي حطباً في المدفأة .. "


الكاتب

عبد الرحمن توفيق صلاح

3/7/2021





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مالي أراك متيما//بقلم الكاتبة آمنة ناجي الموشكي

 مالي أراكَ مُتيَّمًا يا أيُّها الشَّعبُ المُبَجَّلْ؟ في حبِّ مَن لم يخجلوا من مُقلَتَيكَ وأنتَ تَسألْ كم جائعٍ قد نامَ في جوفِ الظلامِ سَقي...