نبض نخلة: صراخٌ_ووجعٌ // الكاتبة أسماء الجمال

الاثنين، 23 أغسطس 2021

صراخٌ_ووجعٌ // الكاتبة أسماء الجمال

 #صراخٌ_ووجعٌ


استيقظت على أصوات الصواريخ و الانفجارات و ألسنة اللهب المنتشرة في جميع الأماكن، أدخنة كثيفة متصاعدة، بقع دماء متناثرة، أشلاء الجثت منتشرة في كل مكان، صراخ الأطفال و بكاء النساء ملأ المكان  من هول المنظر، شُلَّ لساني، تجمدت أوصالي من  بشاعة المنظر لم يخطر ببالي أحد من عائلتي، نعم عائلتي ثم نهضت مفزوعة أنظر هنا و هناك لعلي أرى أحدا من والداي أو إخوتي، أسأل الناس من حولي لا أحد يجيبني، ركضت إلى جارنا العم صالح سألته عن أهله فقال لم أرَ أحدا منهم، عدت إلى آثار بيتنا الذي قد دمرته الصواريخ، و صرت أبحث عنهم بين الحجر، و لم أتوقف عن مناداة أبي و أمي و إخوتي التوأم غيث و ليث،  لم يرد أحد منهم، وجدت دفتر رسم أخي ليث الذي كان يجلس في الحديقة و يرسم الطائرة، و يقول أريد أن أصبح طيارا، لأتجول في بلدان العالم، و غيث كان يريد أن يصبح طبيبا، ليجري عمليات للفقراء بالمجان،  كانت أحلامهم بسيطة، و هم لم يتجاوزوا العشر سنوات، و أبي و أمي كان حلمهما أن يزورا بيت الله الحرام و مسجد رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ لم استوعب الموقف  أحسست أنني في كابوس حلم مفزع، صحوت على الواقع المؤلم على صوت جارنا العم صلاح و هو يقول لي : هيا يا ابنتي اذهبي معنا لا تستطيعِين البقاء هنا وحدك فقوات العدو قريبة جدا من هنا سوف يصلون في أية لحظة، قلت له : كيف أذهب و أترك عائلتي و لا أدري مصيرهم،  رد قائلا : سوف تجتمعون بإذن الله هيا بسرعة قد اقترب العدو، وقفت و في يدي دفتر رسم أخي و نظرت نظرة أخيرة على حطام بيتنا الذي عشت فيه طفولتي، و أدرت ظهري، و ذهبت مع العم صلاح و مع من تبقى حيا من أهل القرية، و ما هي إلا دقائق و بدأت القذائف و الصواريخ تتساقط مرة أخرى، هلع الجميع وصاروا  يركضون يمينا و يسارا، و لا ندري أي طريق نسلك، و ما نرى إلا شظايا النار التي تتناثر في كل مكان اختبأنا في مكان ما، و كلٌ ٱخذ زوجته و أولاده في حضنه، و وجدت نفسي وحيدة لا بيت يأويني و لا حضن يحتويني، ضمني العم صلاح إلى حضنه مع أولاده و زوجته، و هو يرتل الأذكار و القرآن إلى أن توقف القصف، و أكملنا المسير لعدة أيام ليس معنا شي لا أكل و لا شرب و لا ملبس، الشمس الحارة غطاؤنا في النهار، و البرد القارص غطاؤنا في الليل، كثير من الأهالي ماتوا في الطريق من شدة الجوع و العطش و البرد و استمرينا في المسير إلى أن وجدنا مخيم للاجئين مليء بالعائلات انضممنا إليهم، و بقينا معهم، و لا أملك من عائلتي سوى دفتر رسم أخي الذي أحتفظ به، كلما يأخذني الشوق إليهم أخرجه و أضمه لصدري و أتنشق رائحته.



الكاتبة 

#أسماء_جمال

23/8/2021





هناك تعليق واحد:

هيام//بقلم الكاتب محمد حبيب يونس

 هيام أتسألين عن الحبّ؟ أقسم أنني ذات سهرةٍ  شممت عطركِ عند ذكر اسمكِ.. فالتفتُّ حولي و أجزم أنني سمعت رنة ضحكتك في المكان.. وأقسمَ نديمي أن...