نبض نخلة: السجن الكبير//الكاتب محمد سليماني

الخميس، 29 ديسمبر 2022

السجن الكبير//الكاتب محمد سليماني

 السجن الكبير

في معترك الحياة تقبع الامنية حائرة...تترصّد الفرصة للبروز في ثوب الإنسانية الناصع...تماطل المسالك الملتوية...وتبعث في النفس موجة من أمل حرون...يتسلّل في الأقبية المظلمة نحو النور المشع الباهرّ ...يستجلب البوح والحنين...وإرهاصات الماضي التليد...

في ضوضاء المسير إقتنت لنفسها مسافة شذى ...تغامر الطرق المكبّلة...تفتتن بأنوارها وتشقّ السهوب الملبّدة ...تنشر في أغوارها لوحة هندسية رائقة...مصقولة المعالم ...محبوكة العوالم والأقدار.

كان الحكّام في المدينة المشدودة نحو اليباب عسسا متٱمرون ...يسطّرون في قيافة المرحلة غرفا مظلمة...وسراديب وسجن مقيم...يشوّهون القافية وانسنة المصير...

ضنك يشحن العسس يفتّتون المدينة الغريقة في شبق الزخم والتصميم..ويكيدون...يسافرون في وضاعة التبرير...أميال وأميال.

خنادق...وأسلاك وحمائم مطوّقة...وسجن كبير.

اليوم أغلقوا المدارس...وسحلوا البنات في الأوحال...إغرورقت العيون المثلومة... المسكونة بالعذاب والعويل...أمعنوا في تحريف البنيان...لقد ضربوا لأنفسهم مثلا سيئا...ووقعوا له ساجدين...

مدرسة البنات في البناية الصفراء...أقفلوا أبوابها...ونكّسوا الراية الخضراء على أسوارها...إستبدلوها برثاثات سود حالكة...أفرغوا القاعات من ماجداتها ...وخربشوا حيطانها...هشّموا اللوحات الصامدة...لوثوا أغصانها...

كان العسس يراوحون اماكنهم...يسلكون الفظاعة...يتسربلون الموت الداهم في أحلاسهم ..يردمون الأثار الخالدة...جهزوها معتقلا...وثبّتوا أوتادها...قضبانها سميكة أسوارها عالية...

وقفت فتيحة أمام البناية ...تستنفر المتاهة...كانت الدوّامة سافرة...ترى لماذا أغلقوا أبوابها...أستصرخت أطوارها...لماذا شقّوا المدن الخضراء...ودمّروا أركانها...غالبتها الحسرة...أمتقع جمالها...ولازمتها الحيرة مستنزفة...

كبّلوها بأصفاد ثقيلة...وسحلوا دفاترها...هشّموا أقلامها...ودفاتر أشعارها...

خرائب وأطمار تثقل السرائر الممزّقة...فرضوا على المدينة لحائف الثورة الداهمة...أستوثقوا في زفراتهم الكبوة الجاثمة...وأستجمعوا أقدارها.

فتيحة...فتاة مهذّبة...تغالب حسرتها... أحلامها شاهقة...تكابد المسائل...برزانة فائقة.

إدلهمّ الحزن في القفر البعيد...وتجاسرت فرسانها...ترادفت الجياد متجانسة ...وإرتفعت أعلامها...كان الشرخ عميقا يتطلّب قيادة راياتها عالية...

إرتحلت الجموع سافرة...وإمتقعت اللحظة حائرة...كانت القوّة تستنفر الخيول الجموح والفرسان المطهّمة...شساعة القافية...

كان للفجر...أن ينير الأمصار الحالكة...وتشعّ الأنوار الإنسانية الهادئة...وترتفع في شواهق أسوارها راياتها الخضراء السابحة في علياءها...وينتصر الإنسان عن ظلام يسكن الأرواح ...ويتسلّح بأنوار المعرفة الواثقة...

محمد سليماني.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أقارب وأي أقارب//الكاتب عبد الغني أبو إيمان

 أقارب وأي أقارب  أبٌ، أُمٌّ.. جَدٌّ، جَدَّةٌ.. أخ، أخت.. ابنٌ، ابنة.. خالٌ، خالةٌ.. ابن خالٍ وخالةٍ.. وبنت خالٍ و خالة.. عمٌّ، عمَّة.. ابن ...