نبض نخلة: سر الحياة//الكاتب فتحي مسعود

الثلاثاء، 31 يناير 2023

سر الحياة//الكاتب فتحي مسعود

 سر الحياة 


تقلص عدد البقر في قريتنا وأصبحنا لا نكسب إلا بقرة واحدة. الحضارة مرت بالقرب من ديارنا حتى تحولت هذه الأخيرة لصيدليات ملونة نظيفة دون رائحة...


كانت الخالة صالحة تنتج الحليب العربي للأطفال والكهول الذين رفضوا الحليب المعلب... كنا نقصدها كذلك لطلب اللبن يوم الأحد.... يوم الكسكسي ..الوجبة المفضلة لأهل البلد في ذلك اليوم... تتفنن فيه العارفات من نساء القرية ، كسكسي بالخضر أو بالدجاج أو باللحم المجفف لأن لحم الأكباش صار باهظا يصعب علينا شراؤه.

كانت تصنع مما تبقى من الحليب الزبد...

وتنتج كذلك بعض الخضر، تبيعها أمام منزلها لتدخل عليها القليل من المال.

كل يوم سوق تحمل الزبدة لبيعها لأحد البقالين. وهكذا تشتري بثمنها ما لا توفره عليها أعمالها البسيطة بالحقل من حاجات البيت... السكر والشاي والزيت والحلوى للأحفاد تنعتها بحلوى الترك.

في أحد الأيام شك صاحب الدكان بوزن كرة الزبدة التي تبيعها له الخالة... وزنها فوجد وزنها أقل مما تقول له المرأة. ثارت ثائرته وقرر أن يصارحها.

ترقب قدومها... أخذ منها الكرة ووزنها أمامها . المادة ناقصة مائة غرام. وقال لها لم أشتر منك الزبدة.

"تفاجأت الخالة من الكلام الذي سمعته، نكست رأسها، والدموع تنهار من عينيها ثم قالت: نحن يا سيدي لا نملك ميزانا والغش ليس من صفاتنا، ولكني كنت اشتريت منك كيلو من السكر منذ مدة، ومنذ ذلك اليوم جعلته لي مثقالا كي أزن به الزبدة التي تشتريها مني."

ثم خرجت ولم تنتبه لصياح التاجر: يا حاجّة أنا افذلك عليك لا تتغششي...

رجعت للقرية حزينة... توجهت للمخبزه و اعلمت صاحبها بمشروعها :

قررت أن أحضر كسكروت بالزبد مع كوب حليب ساخن واهدي فطور الصباح لأطفال المدرسة... هل في مقدورك إعانتي بتوفير الخبز... لم يفكر طويلا وقال لها نعم... إنتشر الخبر... فالتف حولها أهالي القرية وأعانوها بما يكسبونه ثم قرروا جميعا توزيع الأكلة لجميع التلاميذ ابن الفقير مثل ابن الغني... كلهم سواسية كأسنان المشط.


الكاتب 

فتحي مسعود

31.1.2023 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جرح الأقارب//الكاتبة ابتسام فندي

 خاص بالمسابقة..⚘️جُرح الأقارب مُرّ مهما هان هو ألم بقلب الفرح..  هو خوف من جوفٍ الأمان  هو سلام خِلق بالروح. والروح اهتزّت تسأل زمانها شو غ...