الغُرْبة لقاء ٌ وفِراقٌ
أما آنَ للفارسِ المُناضل ِ أن ْ يترَّجَّل َ من على صهوة جوادِهِ المُتْعَبِ؟
أما آنَ لدار ِ الأهل ِ أن ْ تعمرَ بعودة ِ ..عائلِها من ْ غربة ِ المُغْتَرِب؟
أما آن َ لظرفِ الفِرَاقِ أن ْ ينتهي َ بلقاء ٍ جديد ٍ طيب ِ الوصْل ِ مُسْتَعْذَبِ؟
أما آن َ لأزهار ِ الحديقة ِ أن ْ تُرْوَى بماء الرِضابِ وعيون ِ عائلها المُعذَّبِ؟
وتنمو زهور الفل ِ والياسمين ، في جنبات الحديقة ِ يفوح عطْرُها منعشاً للقلب ِ؟
وتحلو ثمار البامبوزيا والتي يذوب سكرها ..مع لهو الأطفال ِ في فم ٍ رطبِ؟
أما آن َ لنخلات ِ الزغلول ِ أن ْ يُجْنى بلحُها ..وهي التي تئن ُمن حملِها بالرطبِ؟
أما آن َ لأن نجلس َ بالحديقة ِ جلسة الأهل ..وكرم ِ المضيافِ كسالف ِعهدِها بي؟
ما كان َ لي سفري وغربتي .. وآلامي وحيداً .. ولم ْ أكن ْ بالهاوي ولا المتعصبِ
كان أبي رحمه الله غير َ راض ٍ لغربتنا .. وإخوتي ما أحنَّه عليْنا.. يا له ُمن ْأبِ؟
وفي الغربة لا قيْنا أصدقاء َ الخير َ وزملاء َ الشر َ وكل مهذب ٍ أوغيرَ مهذب!
إني لأحزن ُ للكريم ِ يُهان ُ .. في غربتِه .. وأحزن ُ ممن لا يعينه ولأجلهِ لم يتْعبِ.
وأنوء ُ بحملي على كاهلي أنتظرُ أخا ًوصديقاً يعينني لطيب ِروحهِ وصفاء القلب ..
بدأت ْرحلة العناء والجهد ِفي الأربعين َ .. وصار َ نيْف ٌ وعشرون حولاً في تعبِ ..
رحلة ٌ طالت ْأو قَصُرَتْ أمضيتُها في عمل ٍ جاد ٍمتواصل ٍ في تعب ٍ وفي نَصَب ..
وكان لقاء الطير(اليمام القيمري ذي الطوق ِ ) والذي غرَّدَ لي وراقَني احتفاؤه بي ..
يأبى قلبي أن يؤذي أحداً ، ولا أرد َ الإساءة إلا بإحسان ٍ .. وأتجنبُ غيرَ المهذب ..
ذنب ٌ اقترفته أن سافرتُ إلى الخليج ِ .. وقد ْ كبرت ُ ، لو الزمان يعود ُ لم ْ أًذْنَب ..
كثيراً ما بكيْت ُ من الاغتراب ِ ولم ْ يأب َ قلبي إلا أن ْ يشارك َ دمعتي وكأنه صبي ..
وإذا ما ادْلَهَّم َ الخطبُ بصاحبٍ لي .. ساندتُه وناصرته قويا ً بخاطري وبمنْكبي ..
جبْراً لخاطر ِ كسير ِ القلب ِ بحنان ٍ نادر ٍ .. حتى لو ْ لم ْ تُعد ُ محاسنُه أو ْلم ْ تُكتبِ ..
أما إذا ما نالني خطب ٌ وصار وجه الحياة ِ.. أسودَ حَالكا ً لم يُعنّْي أحدٌ ولم ْ يتقربِ ..
وأعتذرُ لمن ْ أخطأتُ في حقه ، وحين َ يُسيئُ .. إليَّ أحدٌ أسعى لصلحِه ولمْ أعتبِ ..
وعقلي ساكن ٌ في موطنِه وكأنني أحيا ..في كوكبٍ مُتفرد ٍ سابحاً وحدي في سربِي ..
قالوا عني : طيب القلب ِ ، صافي َ النفس ِ.. يُواجه ُ انكسار َ قلبِهِ منفرداً في كوكب ..
شِعْرِي لكم يُلخِص ُ غرْبَتي ويغوص ُ.. في أعماق ِذاكرتي ، ويُرْوي بماء ِ الذهبِ ..
فيما درسْت ُ من نقد ِ ومن أدب ٍ،قافية الباءِ .. مكسُورة ً لشعر ِ سهل ٍ ومن صعبِ ..
تروي حياة ًخلتْ بما حملته طياتُ السنين َ..من عذْبِها ومُرِّها ومن جهد ٍ ومن غَلَب ..
أحمد ُ الله أني لازلت ُ رغم سنين طالت.. أحيا بقلب ٍ حنون ٍ طيب ٍ ولسان ٍ عذبٍ ..
الكاتب
حسين نصرالدين.
9/9/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق