العازبة
مع كل غروب الشمس أنفرد بشيشتي ومن فوق سطح منزلي أركز راداري و اتتطلع على حركات جيراني.
مسرح الشارع وحركيته تجعل منك شاعر الزمان، أما المنازل المنيرة فشبابكها تنطق بحياة ساكنيها،
ثم هناك صفية "صفية ڨول" يتيمة شابة مهجورة في الشارع، أراها عبر السياج تلعب كرة القدم مع أولاد الحي، إنها تصرخ وتجري أسرع منهم من أحد طرفي الساحة إلى الطرف الآخر، ثم تسحب فستانها فوق فخذيها لركل الكرة بشكل أفضل الأولاد يحترمونها، والبنات والنساء يكرهونها.
فتاة من الشارع ... أنظر إلى صفية، مفتونة صامتة.
هي لا تراني هي لم ترني أبدا بأي لغة كنت سأتحدث معها إذا خطت خطوات قليلة نحوي؟
عيشة رجل ينعتونها الغائرات اللاتي حرٌم عليهن الخروج إلى الساحات، أسيرات تتبرجن بعشق الحرية من وراء الستارات.
بلغت صفية العشرين شمعة و قررت "الحرقة" مثل أولاد الحي رغم نجاحها الجامعي المتميز.
لا سفر بدون جواز سفر رغم عدم شرعية الممر.
بدأ الصراع مع الإدارة ومسالكها الجهنمية من البلدية حتى الداخلية كلها بلطجية.
غير متزوجة...ملاحظة الإدارة على صفحة مضمون ولادة أمها .
هل أمي كانت زانية؟ و من هو أبي؟ هل أنا ملقوطة؟
تغير برنامج صفية من الغرض إلى البحث عن العِرض.
رجعت إلى المنزل وكلها غضب. صاحت في وجه أمها، أين عقد زواجك؟
لم تفهم والدتها شيئا فلم ترجع عليها ولو حتى بنظرة، أخذت صندوق الأوراق باحثة عن الصداق. و بعد عناء طويل و جدت مكتوب وكأنه بالعبرانية طُبِع لم تفهم شيئا. وخوفا من افتشاء خبرها قررت أن تصبح خطاطة بنفسها لقسْمها.
زهدت وفي بيتها اعتزلت، أخذت كراس وقررت نقل الحروف البلهوانية إلى العربية.
كلمة أعجزت بحثها، " جميلة" و" حليمة".
من أين أتوا بهذا الاسم وكيف يشذٌ العدْل ومعه الإدارة وحتى من صاحب الإمارة أبي؟
صورة الزانية أبكتها حتى أصبحت لا يرقأ لها دمع ولا تكتحل بنوم.
هل "نقطة" التشكيل سبب الإشكال ؟
و انغمست في البحوث حتى أصبحت صفية علامة في قراءة القوانين والطقوس وقامت بدراسات عن مآسي النساء العازبات. حكاية أمها تدوينة جهنم مئات النساء المتزوجات شرعا وأمهات آلاف الأطفال قانونا وعازبات الإدارة ظلما.
و بدأت رحلتها مع المحاكم وعدالة الدينار.
و بعد سنين صحراء تخصصت صفية في علوم النفس لتداوي الجروح الخفية الغامضة...
الكاتب
عبد الفتاح الطياري.
21/11/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق