عن جبرِ الخواطرِ
جبرُ الخواطرِ إنما هو عبادة سامية راقية ، لا تقلُ أجراً وثواباً عن باقي العبادات مثل الصلاة ِ والصيام ِ والزكاة ِ وغيرها :
معنى الجبر ِ لُغة ً: من الجبَار ِ وهو اسم من أسماء الله الحُسنى تبارك وتعالى ، ومعنى الجبَار من الجبر وهي على وزن فعَال بتشديد العين وهي صيغة مبالغة أي كثير الجبر للخواطرِ .
وإنه أي جبر الخواطرِإنما هولعبادة من العبادات ِلا تقلُ سموا ًولا رقيا ً،ولا ثوابا ًولاجزاء ًعن باقي العبادات المفروضة على المُؤمن ِكالصلاة ِوالصيام ِوالزكاة ِأوالصدقةِ .
ومعنى الجبر:أي المُواساة ولين الجانبِ،وحسن التعامل ورقة العشرة وكريم التعاطِي مع الآخر.
وجبر الخاطر:أي تطييب قلب المُؤمن،ومُواساة القوي للضعيف،الغني للفقير،والرئيس للمرءوس والملك أوالحاكم للرعية والقادرللمسكين .
وجبر الخاطر قد يكون بكلمة ٍأوببسمة ٍصافية ٍ كما قال رسولنا الكريم ﷺ فيما رَوَاه عنه أبو هُريْرة رضي َالله عنه وأرضاهُ في الحديثِ الأطولِ ومنه (الكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ) وفي حديثِ عُدي ٍبن حاتمٍ الطائِي رضي الله عنه وأرضاه قال:أنَّ رَسولِ اللهِ ﷺ ذَكَرَالنَّارَفَتَعَوَّذَ منها،وَأَشَاحَ بوَجْهِهِ ثَلَاثَ مَراتٍ،ثُمَّ قالَ:(اتَّقُوا النَّارَولوبشِقِّ تَمْرَةٍ،فإنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ) .
ومن صورِجبرِالخواطِرِ أيضا ً :
إدخال السرورعلى قلب أخيك، ومُشاركته أحزانِه وأفراحه ،وتهنئتِه في مُناسباتِه السارة دون أن يطلبَ هوأوغيره منك ذلك،فجبرُالخاطرلا يُقتصرُعلى المالِ أوالهدية،بلْ حتى بالكلمة الطيبة ِ أو البسمةِ الصافية أوبالهديةِ الرمزية ِالتي لاتُكلفُكَ شيئا ًكصورة ٍأووردة ٍأوتهنئة ٍبلوحة ٍمنشورة ٍ .
وجبرُالخواطرِعبادة ٌلها أجرٌعظيم ٌعند الله عز وجل؛لأن من جبر خاطرأحدهم سيجبرُالله خاطره ولوبعد حين .
والحاجاتُ التي يتعينُ عليْنا جبرها تتنوع،فهناك من تكون حاجته إلى مالٍ،ومنهم من تكونُ حاجتُه إلى عملٍ،والبعضُ قد تكون حاجته بدفع الظلم عنه،وهناك من يحتاجُ إلى الكلمة الطيبة،ودفع المَعُونة والدعم والمُساندة إلى الآخرين دُونَ علمِهم ودُونما إحراج ٍ؛لأن هناك نفوسٌ عفيفةٌ تأبَى وتستعفُ،فهذا جبرٌلهم ومُواساةٌ لخواطِرِهِم .
فوائد عبادة جبر الخواطر: لهذه العبادة فوائد عديدة وهي :
فائدتُها لا تكون على من له حاجة فقط ، وإنما صاحب جبر الخاطر يكونُ الله عز وجل بجانبه، ويكونُ معه في حاجته في الدنيا،وفي الآخرة ينال ُ صاحبُها الأجرالعظيم، فقد وعده الله عز وجل بأفضل الجزاء .
ويبقى صاحب جبرالخاطرهانئاً مُطمئنَ البال؛لأنه يعلمُ أنَّهُ قدْ نفَّسَ كُربَةً عن أخيه،فمن نفَّسَ كُربة ًعن أخيه في الدنيا،نفَّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَبِ يوم القيامة،وقد أخبرنا رسُولنا الحبيب ﷺ أنَ من لقِيَ أخاه ُبما يُحبُ لِيُسرَّه في ذلك؛سَرّه الله عزَّوجلَّ يوم القيامة،وعندها يلقى الله على الوجه الذي يُحبُ،فيتمَنَى لوْ يعودُ فيعملُ أكثرَوأكثرَ،فهنيئاً لمنْ عَمِلَ وجعل مكنونَ قلبِه مُمتلئا ً وسريرتَه صافية ً طاهرة ً،وما أجمل هذه العبادة التي تكونُ ولوْ بكلمةٍ طيبةٍ،لا يُبذلُ مجهودٌ فيها لكنها تجبُرُ الخواطرَ.
فلنحافظ َعلي من نُحسُ بوجِودهم معنا،وتظهرُ لنا تفاعلاتُهم وأفعالُهم ورُبما تضحياتُهم،ولا يجبُ أنْ نكْسِرَ خواطِرَهم،وكما ذكرتْ الحكمة ُالقائلة ُأنه:(حتى لواعتذرتْ الريحُ سيبْقَى العُودُ مَكْسُوراً) وبالفعلِ ثم أخطاء ٌ لا تُصلحُها أي عبارة اعتذار،وأي أسلوب للتأسفِ وإبداءِ الندمِ،لأنه جرح ٌ في القلب ِوإهدار ٌللكرامة ِلا تمحُوه الأيام ُ،فهناك لحظة أنبتتْ جروحا ًوأنشأتْ بُثُوراً في القلبِ، وهيْهات أن يندملَ جرحُ القلبِ،أويرجع كما الأولِ شرخُ الكرامة ِ . وكمَا قالُوا في الحكمة ِ من سبقُونا(وهل يعودُ ما تحطم َمن زجاج ٍ انكسَرَمن قبل،بلْ تظلُ بقاياهُ تُؤذي وتجرحُ،ويظلُ الجرحُ ساكناً دامياً نازفاً في صمتٍ مُطبقٍ ومُوجعٍ للأبد،مهما حاولَ أحدُهم إصلاحَه وترميمَه،لأنَّ القلوبَ أمسَتْ لا تَنْسَى من حطَمَها وكسرَخَاطرِهَا،وخاصة ً القلوبُ الصافية النقية المُخلصة .
الشاعر
حُسَيْن نصر الدين .
30/6/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق