نبض نخلة: مقاومة//بقلم الكاتب عادل عبد الله تهامي السيد علي

الأحد، 22 يونيو 2025

مقاومة//بقلم الكاتب عادل عبد الله تهامي السيد علي

 مقاومة 


فوق تل زادت فيه خضرة الأشجار ، وهلت منه نسائم الربيع ، وتحركت المياه من منبعها إلى قنوات تشبه حركة الثعبان العملاق في نهر الأمازون جلس

حاييم ويهوذا وميخائيل .

كانوا يستمعون لموسيقى موتسارت ويبتهجون .

صاح حاييم بلغة عربية فصيحة:

يا محمد أسرع .

بدت الدهشة على وجهي صديقيه،

ابتسم وهو يرمق إنفعالاتهما وأردف:

تأخرت اليوم في تجهيز الفطور يا أبا قاسم ..!

اتسعت علامات الدهشة و يهوذا يعبث

في ذقنه الطويلة بينما عمد ميخائيل لتحسس شاربه ..!

كان محمد يدفع عربة صغيرة أمامه  

يتسلل منها رائحة الشواء فيفغر الثلاثة

أفواههم ، ويخرجون من حالة التساؤل لتقمص دور آخر .

بشهية مفتوحة وحوارات بلغة عبرية

يتبادلون النكات ،ثم يجلسون على الأرض العشبية في حالة من الإسترخاء.

كان محمد على حاله من الوداعة ينتظر 

أوامر سيده .

نظر حاييم نحو صديقيه بينما كانت يده تشير إلى محمد قائلا:

أقدم يا أبا قاسم فلدينا اليوم لعبة ستعجبك كثيرا .

التقط حاييم تفاحة ووضعها فوق رأس محمد .

قال و الضحك يملأ شدقيه :

قف هناك يا محمد .. سنصوب نحو التفاحة .. لا تقلق فلن يصيبك سوء ..!

إستجمع محمد شجاعته وتمتم بصوت هامس دون أن ترتعد فرائسه :

قل لن يصيبنا إلا ماكتبه الله لنا 

يدرك حاييم مغزى ثبات خادمه ويهمس

لصديقيه :

تحريا الدقة فليس لدي نية الإيذاء إليه

كان تصويب الأصدقاء دقيقا فانفلقت التفاحة إلى ثلاث ..!

أشار حاييم إلى خادمه ليرحل معقبا :

جهز أدوات الصيد فلدينا رحلة في البراري .

عكف محمد على تجهيز الطعام وإعداد

أدوات الصيد .

في سيارة ذات دفع رباعي كان حاييم يقود بسرعة تسابق الريح بين مروج خضراء و أشجار سامقة ،وصديقيه جواره يتبادلون الضحكات ،بينما جلس محمد في المقعد الخلفي يراقب الطريق

ويتأمل المشاهد .

هدأ حاييم السرعة وبدا أن المكان يروق له .

جذب مكابح السيارة فصمت كل شيء

قال لأصدقائه:

سنجرب طريقة جديدة للصيد هنا .

كان على البعد قطيع من الخراف بينما الراعي يمسك بعصاه وكلبه يجري يمينا ويسارا حتى لا يشرد الصغار .

نظر نحو محمد بسعادة قائلا :

ستكون مثلنا اليوم يا أبا قاسم ؛ لتصوب

على الهدف ..!

وأردف قائلا: 

ستكون الرابع في الترتيب .

تسابق الثلاثة على التنكيل بالخراف ثم 

قالوا :

صوب يا محمد نحو الراعي .

عقدت الدهشة لسان محمد وهو يشاهد

الراعي يصرخ و يحسو التراب فوق وجهه ناعيا خرافه التي أريق دمها .

خفق قلبه وتحركت داخله ثورة كانت كامنة منذ زمن ..شاهد في شريط ذكرياته قافلة من الأهل والجيران يتساقطون كثمار الأشجار بعد نضوجها 

في بركة من الدماء ..تردد داخله صوتا

يشبه صوت حاييم كان يتحدث بالعبرية

التي لا يفهمها وردد بعض الكلمات بلغة

عربية كان يدرك بعضها :

لا تقتلو الطفل عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ..!

ردد حاييم الأمر وانتظر يهوذا وميخائيل التنفيذ ..!

التفت محمد ببندقيته مصوبا نحو الثلاثة قائلا:

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟!

كانت رصاصات محمد هادرة ومتقنة

رغم أنها المرة الأولى التي يجرب فيها

عملية القنص ..! 


الكاتب 

عادل عبد الله تهامي السيد علي.

22/6/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

على متى أمواج الجمال//بقلم الكاتب محمد بن سعيد

 ! على متن أمواج الجمال  أنت شدو الصباح يحمل بسما  و ضياء و رائعات الوجود   و أصيل ضم الظلال و عزفا   يصرف ا...