نبض نخلة: ومضى بنا قطار العمر //بقلم الكاتب حسين نصر الدين

الخميس، 28 أغسطس 2025

ومضى بنا قطار العمر //بقلم الكاتب حسين نصر الدين

 ومَضَى بِنَا قِطَارُ العُمْرِ.! 


يدُورُ ويثُورُ في أذهاننا سؤالٌ دائماً،وهومتى نكبُرُ.؟ومتى لا نكبُرُ .؟ .

هلْ نكبُرُحينما يُشيرُالتاريخُ بسبَّابَتِه إلى يوم ميلادِنا البعيد.؟،وتنطِقُ أوراقُنا الثبُوتيةُ،وهويتُنا عن عمرِنا الحقيقي؟.

هلْ نكبرُحينما تشتعلُ الرأسُ شيْباً،وينهشُ فروتَها الشيْبُ،وتخطُّ اللحيةَ بعض الشعرات البيْضاء،ويهربُ سوادُها؟

هلْ نكبُرُحينما تتساقط أسنانُنا مُهاجرةً دون استئذانٍ منَّا،أوتتلعْثَمُ الكلماتُ لفروقٍ بيْن أسنانِنا بسبب فراغِ تساقطِ أكثرِها،بعدعقُود من العملِ المكتبي المُرهق والمُضني،أوحتَّى الجهد الحركِي والعضلي.؟.

هلْ نكبُرُحينما نصبِحَ عاجِزين عن الحياة إلا من خلالِ نظارةٍ مُلتصقةٍ على أعيننا،ومُلازمةٍ لنا،حينما نقرأُ،وثانية للمشي،أولقيادةِ السيَّارة.؟ .

هلْ نكبُرُ حينما تتثاقلُ خطواتُنا بطيئةً حثيثةً من أثرخشُونة الرُكبتيْن،وضعفِ الفقراتِ القُطنية في العمُود الفقري، أوالتهاب حاد في المفاصل،أوالأعصاب الطرفية.؟ .

هلْ نكبُرُحينما تتثاقَلُ آذانُنا،وتأبَى أنْ تعيَ ما سمعته لأولِ مرةٍ،بلْ يجبُ على منْ يُنادي أنْ يُكررَ كلماتِه،ويُعيدَ مراتِ النداءَ؟.

لا ليْسَ هذا فقط هو ما نكبُرُبه،أونشعرُبالهِرَمِ أوالشيْخوخةِ،أوتقدمِ العمرِ.!

بلْ نكبُرُ حينما يمُّرُّعزيزٌ في حياتنا أحبَّنا وأحببناه،ولا يلبثُ أنْ يسْرِقَه الموتُ منَا فجأةً ودُونمَا سابقِ علمٍ،إلَّا أنَّه قدرُ اللهِ الذي نُؤمنُ به ونتيَّقَنُ به،سبحانه،وتعالى .

بلْ نكبُرُحين تستغيثُ آذانُنا،وتسترحمً من حوْلَنا،مُطالبة ً بكلمة حبٍّ هاربة ٍ،ولو بالصّدفة إلى مجْرَى سَمْعِنا، وكأننا نشحذُها أوْ نَسْتجدِيها ممن أحببناهم،أوتربيتةٍ على الكتفِ الواهن الذي أضناه الزمن والظهرالذي انحنَى من كثرة أحمالِه طوال الحياةِ،أوصدرٍحنونٍ،أوْ حُضنٍ دافئٍ مُباغتٍ،أوموقفٍ فيه حنوٍ ورحمةٍ ومودةٍ،افتقدناها كثيراً كثيراً .

نكبُرُعندما يعصف ُفصلُ الخريف بعلاقاتِنا،ويتساقط ُالبشرُالطيبُون منْ حولِنا فجأة فجأةً،وتُصابُ قُلوبُنا بخريفٍ مُفاجئٍ وسريعٍ،وغير مسبُوقٍ .

نكبُرُحينما نتمسّك بأذيال ضحكةٍ زائفةٍ مع شخص بعيدٍ مُفارقٍ،أونتمسَّكُ بذكرياتٍ قديمةٍ باهتةٍ صارتْ في طيِّ النسيان،أوْ طَحنَتْها السنُون والأعوامُ،فسحِقتْهَا كحباتِ قمحٍ بيْن شقيِّ الرَحَى .

نكبُرُحينما تُشْرِقُ شمْسُ يومنا ثُمَّ تغيبُ،دُونَ أنْ نجِدَ منْ نُشارِكُه تفاصيل َحياتِنا الدقيقةَ،أوْ ضحكتنا العفوية الساذجة أوْ الطارئة،أويُشاركُنا لُقمةً هنيةً أوْ فنجانَ قهوةٍ نشربُه وحيداً فريداً،غريباً،أونقضمَ سويَّاً ثَمَرَةً سقطتْ من شجرةٍ بالحديقةِ،أونتقاسمَ بلحتيْن رُطبتيْن سقطتا من نخلة الزغلول الأحمرِالقانِي،مُقابل شُرفتنا،أوْنتبادلُ كلمةَ حبٍ أوْ وُدٍ تُشيعُ حناناً افتقدناه مليِّاً،وودعناه كثيراً دونَ سفرٍأوْغُربةٍ،إنَّما هي غُرْبةُ الذاتِ،وغُرْبةُ الأهل والخُلَّان.

نكبُرُ،ونكبُرُ،حينما تشيخُ وتهرَمُ قلوبنا،ويعجزُ إدراكُنا عن استيعابِ متى نكُيُرُ.؟ومتى لا نكبُرُ.؟وكيْفَ نكبُرُ.؟ ولِمَاذا نكبُرُ،وقدْ منحناالحياةِ كلَّ ما لديْنا،وبذلنا لها ولمنْ حولنا كلَّ ما نملكه،من جهدٍ وعرقٍ ومالٍ وسنين حياة.؟.

نكبُرُونهرَمُ ونشِيخُ،وتُقهرُ قلوبُنا حينما نقفُ عاجزين،مُتخاذلين،تجاه إخواننا المُستضعفين في غزَّةِ العِزَّةِ،ونقفُ مكتُوفي الأيدي خائِري الإرادة وهم جوْعى وما بيْن جرحى ومُصابين وثكالى وأيَامَى،ولا يعلمُ كمْ ما هم فيه إلَّالله عزَّوجلَّ،ودول الجوارِ تسدُّ عنهمْ معَابِرَالرحمة والإمْدادِ،وتُغلقُ في وجوههم منافذ الهواء والدواءِ .

ولكن نحمدُ الله سبحانه،كثيراً كثيراً على ما نحنُ فيه من نعمةٍ كبيرةٍ وخيرٍ سابغٍ وفضل ٍ وفيرٍ وعْيْش ٍ رغيدٍ.


الكاتب

حسين نصر الدين.

28/8/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أصداء الحنين//بقلم الكاتب فراس ريسان سلمان العلي

 أصداء الحنين طَالَ الفِراقُ فذَبَلَتْ رُموشُنا، ومحالٌ أن يَخفى الشوقُ بعدَ وصالِ. يَقتُلُ حَنينُكَ مَلكَ حُبٍّ طاهِرٍ، ويُجرمُ الإحساسَ في...