لم يشعرْ بالسعادة إلا داخل غرفته التي لا تتجاوز الأربعة أمتار ف هي التي تحتوي ألم وحدته الذي يخفيه عن أهله لذلك هو يكنُّ مشاعراً خاصة لحوائطها، وكعادته يجلس يطالعُ سقفها ف الشاب الذي على مشارف الأربعين داومَ على تأمل هذا الجماد ويحدثه ف هو يعتبره صديقه المخلص كاتم أسراره، ولكن هناك طقوس يقوم بها قبل اللجوء لأحب الأماكن إليه، ف بعد حمام ساخن يُخرج يودع أخوته و يطمئن عليهم ف هو أصبح السند بعد رحيل أبيهم، ثم يغلق عليه باب الغرفه الذي يتأكد مراراً وتكراراً أنه أغلقه جيداً
ف الشاب لا يريد أن يروا ضعفه فهم اعتادوا على رؤيته جبلاً ثابتاً لا تحركه قسوة الأيام، وبعد تأكده يُخرج من دولابه أجمل الثياب ويرتديها ثم يفتحُ خزانته ويضع في يده ساعته وخاتمه الفضة و يكسو نفسه بعطر العنبر، أما عن الحذاء ف هو يختاره ب عناية ف الشاب يتهيأ كأنه ذاهباً لمقابلة هامة ف هو يؤمن بقول...
على المرء أن يكون في أفضل مشهد قبل نومه ف في النوم لقاء، ولكن قبل كل هذا يأتِي ب كوبين من القهوة، ف يجلس على طاولته التي قد اشترى لها مقعدين فقط، ف يضعُ القهوة ويشعلُ الشموع الموجودة عليها التي تفوح ب رائحة الورد
ثم يخرجُ من جيبه سجائره وعلبة الكبريت ف هو لا يحب ما يسمى ب الولاعة، ف جلس على الأولة و أشعل سيجاره واحتسى معها قهوته وهو يمني نفسه بحضور طيف حبيبته فريدة.
الجدير بالذكر أنه قد تحضر كأنه في انتظار ضيف غائب وهو في أجمل مشهد للترحيب به.
وبعد مرور أكثر من ساعة لم يأتِ طيف فريدة الذي ينتظر قدومه كل ليلة دون ملل من عدم قدومه
ف أطفأ الشمع وتوجه للفراش بنفس الهيئة قائلاً:
أعلم حبيبتي أن لديكِ عذراً ما و لو أنكِ لم تأتِي هنا ف في الحلم لقاء، ف توجه الفراش و جلس يتذكرها وصفا ذهنه كي يحلم بها و أغمض عينه وهو يذكر أسمها ونام.
في الصباح أنتهتْ أخته الصغيرة من تحضير الفطور فطرقت عليه الباب....
_ حبيبي خالد الفطور جاهز ف تعال كي تفطر معانا قبل ذهابك للعمل.
_ حسناً ندى دقائق وأكون معكم.
توجهتْ ندى لباقي العائلة التي تتكون من أربعة نساء وهو خامسهم ف قالت لهم: مسكين خالد فقد افنى عمره علينا وضحَّى بحياته كي لا يتركنا نواجه الحياة وحدنا.
نهضَ الشاب من نومه ونظر لنفسه في المرآة قائلاً: يبدو أن هناك مانع قد منعها من أن تأتِي ول سوف تأتِي الليلة بلا شك.
وها هو المسكين على تلك الحال أكثر من خمس سنوات ف كل ليلة يفعل كل هذه الأشياء ولكنه لم يجدْ شيئاً مما يُمني به نفسه، بل كل يوم يزداد اشتياقه.
الكاتب
#محمود_أبوزيد_باشا
17/3/2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق