نبض نخلة: إغتيال حلم...إغتيال إنسان //ابو سارة الكاهلي

السبت، 12 يونيو 2021

إغتيال حلم...إغتيال إنسان //ابو سارة الكاهلي

قصة قصيرة

إغتيال حلم إغتيال انسان

احساسٌ غريبٌ انتابني فى ذلك اليوم شعرتُ بقشعريرةٍ تهز جسدي النحيل وانا اسمعُ صوت معلمتي ام الفصل تصيح باسمي وهى مقطبة الجبين هند محمد احمد نظرتُ اليها بخوفٍ غير معهود لانني مدللة عندها ولا اذكر بانها نادتني باسمي الثلاثي منذ السنة الاولى وحتى الصف السادس فانا هندوية كما يحلو لها واحب انا وقبل ان اجيب نداءها احسستُ بتلك الرعشة مزيج الخوف والبرد القشعريرة وصوت في داخلي يخبرني بحدوث شيء ما، وقفت بعد جهد وكأني احمل جبلاً فوق اكتافي وقلتُ بصوتٍ خافتٍ متكسرٍ كأنه يمر بمطبات جوية نعم ست , قالت غدا قولي لأمكِ تحضر معك واسترسلت فى الحديث بنبرةِ إستنكار لا يخطبها السمع، منذ عامين وانا اطالبها باحضار اوراقك الرسمية وكل ما اخشاه ان تفعل معك مثل ما فعلت مع اختك سهام لكن هذه المره لن اسمح بتكرار ما حدث تكلمت بصرامة حتى خفت على أمي منها , اكملت يومي الدراسي بلا وعي لما يدور حولي سؤال معلمتي عن اوراقي الرسمية اثار براكين الخوف فى داخلي لان الحديث عنها وعن والدي الذى احمل اسمه كان يغلق بدموع امي او امرها القاطع بعدم السؤال مرة اخرى , هل قصرت معكم فى شيء هل جعلتكم تفتقدونه يوماً الم اكن الاب والام وووو كلمات درجنا على سماعها انا وسهام حتى بتنا نخشى الحديث عنه امامها او فى غيابها , ومع ذلك ظل السؤال قائماً فى داخلنا بنات من نحن ومن هذا المحمد احمد هل هو وهم من صنع امي ام انه حقيقة كما هو مدون فى اوراقنا غير الرسمية ولماذا اقعدت امي سهام عن الدراسة عندما طلبت المديرة من امي احضار شهادة الميلاد والجنسية كي تجلس سهام للامتحان الوزاري تذكرت الآن لماذا ارتعبت عندما طلبت مني معلمتي احضار امي فقد حان اوان الامتحان النهائي، يا لله حلمي الذى كبر معي من الصف الاول وانا الدكتورة هند نادتني امي ب..يادكتورة بعد ان اتيتها باول شهادة نجاح لي ومنذ ذلك النداء وانا لا اقبل باقل من ان اكون متفوقة على اقراني وكلما تقدمت لمرحلة كان الحلم يسبقني اليها كنت ارضي نفسي وامي بالتفوق فى كل عام حتى اتى اليوم الذي احسستُ فيه بان هناك قوة رعناء عمياء تتحكم فى مصيري اسمها المجتمع والقوانين الجائرة التى وضعها لتعرقل سير المتفوقين وتسلب الابرياء حق الحياة ما ذنبي انا طفلة متفوقة برئية من كل ذنوب المجتمع لماذا ادفع ثمن ما لم افعل ماذنبي ان كان لي اب هارب ام لم يكن ما ذنبي إذا اقترفت امي خطأ
ما ذنبي اذا ولدتُ على يد قابلة امية لم تحرر لي شهادة ميلاد وهل بهذه الورقة نمنح حق الحياة واذا فقدناها نفقد حقنا فى الحياة التي وهبنا اياها الله مثل كل البشر , قررت ان اصرخ ان اقول لا ولكن فى وجه مَن ولمَن اقولها وهل من مجيب , امي التي تحرقني دموعها دون ان تجيب على سؤالي، فاصمت خوفا عليها وفي داخلي الف لماذا ما السر الذى تخشى امي ان تقوله لنا مع اننا كل عالمها تعبتْ كثيرا من اجلنا وتحملت ما لايحتمل لتوفر لنا انا واختي رغيف الخبز عملت خادمة في المنازل وكانت تغسل ملابس الجيران وتعمل بعض الاشياء التي تخص النساء حتى استقر بها الحال عاملة فى احدى الدوائر الحكومية مع انها متعلمة تركت الدراسة فى السنة الاخيرة قبل التخرج من معهد المعلمات لكن يبدو ان للزمان معها حكاية حالت بينها وبين العمل بشهادتها تضحياتها من اجلنا كانت كافية جدا لغفران اى ذنب ارتكبته فى حياتها يوما ما , كنا قادرين على تفهم ما حدث معها كنا مستعدين للتعامل معي ماضيها كيفما كان، لكنها ترفض ان تخربنا بأي شيء يجيب على تساؤلاتنا , توقف حلمي عند خط امتناع امي عن الذهاب معي للمدرسة ولم تفلح زيارة معلمتي لنا فى الدار باقناع امي سمعتها وهي تكلم امي بعيدا عنا بكلمات قاسية جدا مثل احصدي نتيجة فعلك لم تقف المأسات عند طرد اهلك لك بل طالت حتى بناتك اللواتي لاذنب لهن سوى انك امهن جعلتيهن يدفعن ثمن طيشك تدرين كم احبك يا سلوى قبل طردك من المعهد كنت اتحدث معك وبعد طردك كنت احذرك وحتى بعد ان التقيتك بعد كل هذه السنين حاولت مساعدتك وقبلت بناتك فى مدرستي دون ان اطالبك باوراق رسمية واخبرتك بما عليك فعله وان هذا اليوم سيأتي ولم تحركي ساكناً قتلتي سهام والآن هند تقف على مشارف الموت بسببك , بكت امي بكت بحرقة سقطت مغشياً عليها خرجت ست علياء وكان هذا آخر عهدي بها لم اعد اسمع احدا بعدها يناديني بهندوية , بعد عشرين عاما , وهذه الاحداث تمر امامي اليوم وكأنها حدثت الليلة نزفت بغزارة وبكيت بحرقة شديدة كما كانت تفعل امي احسست بالم وانا استرجع مشاهد مرت في حياتي مثل فلم رعب مليء بمشاهد الدم احساس مرير بالظلم لم يفارقني اقل حدث فى حياتي كفيل بصنع حاقد على المجتمع يااااه ان اسواء انواع الظلم ان تحاكم بفعل اغترفه غيرك حتى وان كان ابوك او امك , قابلة امية مغفلة وموظف احمق لايمت للانسانية بصلة يتحكمان فى مصير انسان، موظف يرفض استخراج شهادة ميلاد لطلفة لا ذنب لها سوى انها اتت نتيجة فعل خطأ فى مكان خطأ فى زمان خطأ ,, لا ذنب لي ايها الناس لم ارتكب خطأ فى حياتي ومع ذلك ادفع ثمن ما لم افعل , كم من الاسى يعتريني حتى تشابه الاحساس بالاشياء ادمنت الالم فلم يعد يؤلمني شيء , مات حلمي مع هندوية ومت انا معه لحدنا فى قبر واحد وما تبقى مني واقف منذ عشرين عاماً على باب السرادق يتقبل فينا العزاء , كتبت على قطعة سوداء علقتها على الجهة اليمنى من السرادق ,انتقلت الى رحمة الله الانسانية بكل معانيها وهي لاتمت للمجتمع بصلة اثر جرح نافذ بسكينة اعراف وتقاليد المجتمع الذى لا يمت للانسانية بصلة مازال القاتلُ طليقاً ومازالت الضحايا تتساقط فى طرقات المدينة
إنا لله وإنا إليه ليه راجعون

الكاتب

ابو سارة الكاهلي

بسطاوى

12/6/2021




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 مسارٌ أبهى//الكاتب سيد حميد عطاالله الجزائري.

 مسارٌ أبهى هنا عمرُ ابنِ آدمَ كالسجارَه فما يبقى لديه سوى المرارَه فلم يجنِ سوى الخرشوفِ منه فقد أمست خراشفُهُ ثمارَه يتمّمُ عمرَهُ جريًا ف...