نبض نخلة: ماسحُ الأحذيةِ..هدف يحيى // الكاتبة تهاني بركات

السبت، 4 سبتمبر 2021

ماسحُ الأحذيةِ..هدف يحيى // الكاتبة تهاني بركات

 هدف يحيى....



و ماذا عن طفولتك ؟ هكذا أنهى حواره معي و أنا أقوم بعملي المتواضع ....

أمس عند الساعة الرابعة عصرا أتى إليّ أحدهم لأقوم بتلميع حذائه و كان يبدو وسيما أنيقا و أنا أقوم بعملي تأمل ملامح وجهي و تمعن فيها ثم بدأ حواره معي....

هو : ما اسمك ؟

أنا : يحيى

هو :  ما عمرك  ؟  أنا : ١٢ عام

هو : أتتعلم ؟ أنا : نعم 

هو : في أي صف دراسي ؟

أنا : الصف السادس الابتدائي

هو : لماذا تعمل  ؟؟ مازلتَ صغيراً  !

أنا : أعمل لأعتمد على نفسي و أحاول أن أتخذ من الأنبياء قدوة فكلهم كانوا يعملون حرفا فمنهم من كان نجارا و منهم من كان راعيا و تاجرا مثل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ...

نظر إليّ الرجل و قد علت على وجهه آثار الدهشة و التعجب و ألقى عليّ سؤاله الأخير قبل أن يذهب بعد أن أنهيت تلميع حذائه و قد أعطاني عشرين جنيه ، و ماذا عن طفولتك  ؟؟

مضى الرجل و أخذت أسأل نفسي 

و ما لها طفولتي فأنا طفل نشأت في أسرة متوسطة الحال أبي محاسب و أمي معلمة و لي أخت و أخ و أنا أكبرهم سنا أحب القراءة و الدراسة أذهب إلى مدرستي و أعود إلى منزلي أتناول غدائي مع أسرتي و أصلي ثم أنزل أمارس مهنتي حتى السابعة مساءً و أعود لأكتب واجباتي و أذاكر  ؛ حتى أتعلم كيف أعتمد على نفسي و أبني شخصيتي فأنا لا أرى عيبا في ذلك بل أنا أتشبه بخير الخلق و هم الأنبياء كما قرأت في قصصهم . و أصدقكم القول ،لقد واجهت نقدا كبيرا و رفضا تاما من والدتي و ثارت عليّ ثورة عارمة كيف تعمل و أنت في هذه السن الصغيرة  ؟ و لماذا هذا العمل تحديدا ؟؟ كيف سأواجه الأقارب و الأصدقاء و الجيران ؟؟ أعجزنا عن تلبية طلباتك حتى تقوم بالعمل لتنفق على نفسك ؟؟ و انهالت عليّ بالأسئلة و هي تصرخ و كاد عقلها يطير من الغضب و كان أبي صامتا معجبا بموقفي و فكري و أخذ يساندني و يؤازرني و يحاول إقناع أمي بأن تتركني و شأني مستشهدا ببعض الصحابة و كيف كانت نشأتهم و كيف أصبحوا رجالا عظماء و قادة يُحتذى بهم  .

و ظلت الأمور شائكة هكذا حتى رضخت أمي و وافقت على مضض . و أخذ أبي يشجعني و يفخر بي أمام الجميع و هذا أعطاني ثقة في نفسي و أصبحت أواجه الجميع و أفتخر بنفسي و عملي و أتعلم و أجتهد و كل أملي أن أصبح مثالا يُحتذى به . فليس بالضرورة أن أقضي جُل طفولتي في اللهو و اللعب 

دون أن أتعلم و أثقل شخصيتي . كلي أمل أن أعتمد على نفسي و أن أصبح رجلا بمعنى الكلمة. فهل سيتحقق أملي ؟!....



الكاتبة

تهاني بركات       ٤ / ٩ / ٢٠٢١





هناك تعليق واحد:

ساحات الفدا//الكاتب بسعيد محمد

 نشيد ساحات الفداء  نسر أنا يطوي الرحاب بفرحة كسر القيود و صولة الدخلاء أنذا مشوق للضيا و سمائي  و لأرضنا ...