حربٌ مع إبليس
في الشعرِ يغرقُ دفتري وكتابي
وتكلُّ فيه بلاغتي وخطابي
أنا كنتُ قبلَ ولادتي في غيبةٍ
فإذا أموتُ سأستعيدُ غيابي
أنا كنتُ صنوًا للترابِ ومثلِهِ
بعدَ المماتِ سألتقي بترابي
لا تنظرنَّ إلى اليبابِ وخلوِهِ
فمن اليبابِ ورودُنا ليبابِ
أنا ابنُ كُثبانِ الرمالِ وآلِها
أنا عبرةٌ خصَّت أولي الألبابِ
أوَّاهُ من ذنبي وقلَّةَ حيلتي
بطشَ الزمانُ بقوَّتي وشبابي
لعبَ الزمانُ بحالِنا فكأنَّهُ
خيَّاطُ أقمشةٍ بغيرِ ثيابِ
فنراهُ يعمرُ للدمارِ مساكنًا
ونراهُ يسعى دائمًا لخرابِ
اللهُ أقسمَ لا تنالُ شفاعتي
إلا الذي أدعوهُ بالأوّابِ
ماذا ساصنعُ في خضمِّ مفاسدي
ياربِّ خفِّف أزمتي ومصابي
إبليسُ يجلسُ في الطريقِ وجندُهُ
ويجرُّ أوعيتي وذا جلبابي
وفقدتُ بوصلتي وثَمَّ توازني
وهويتُ حين تكسّرَ اسطرلابي
ولجرحيَ المسنونُ أصنعُ رقيةً
أفنيتُ في صنعِ الدوا أعشابي
وأنا ألومُكَ يازمانُ فلم تزل
المعتدي حين انتهكتَ حجابي
خوَّفتني لمّا سرقتَ أحبّتي
ولعبتَ في عقلي وفي أعصابي
إبليسُ جمّلَ ذنبَهُ بأطايبٍ
وهو الذي يدعو إلى استقطابي
حتى يخفَّفَ ما تعبت لأجلِهِ
ويطيلَ في يومِ الحسابِ حسابي
عصفَ الزمانُ فكأكأت حاجاتُنا
فتطايرت من جنتي أخشابي
وهناكَ في يومِ الحسابِ تجرَّدت
نفسي وألقت في اللظى ألقابي
وتركتُ ما تعبَ الفؤادُ بجمعِهِ
وخسرتُ في سفري جميع صحابي
أعلمتِ يانفسي هناكَ وقوفُكِ
بيدِ الإلهِ وساعةِ استجوابِ
تلكَ الأمورُ تجاوزت أفهامَنا
وتجاوزت حدًا من استيعابي
نفسي استعدَّت للصلاحِ وحاولت
وتقدّمت دومًا لفعلِ صوابِ
كسّرتُ آنيتي وكلَّ مفاخري
وطفقت أكسرُ غرّةَ الأكوابِ
وكفرتُ بالعزّى وعزةِ ظالمٍ
ووقفتُ أسقطُ هالةَ الأربابِ
كلُّ الكنوزِ نبذتُها ولفظتُها
وجعلتُها كالهدمِ والسكرابِ
فاختر لنفسِكَ مركبًا تنجو به
إذ ليسَ ينفعُ كثرةُ الإعجابِ
واعمل لنفسكَ صالحًا ومحاسنًا
كن في الإنابةِ جيِّدَ الإنجابِ
واجعل صلاحَك في الدماءِ كأنّهُ
قد مرَّ في أيضٍ وفي استقلابِ
وبها ستنجو من عذابٍ بيِّنٍ
وبكأسِها تروى وحسنِ شرابِ
الكاتب
سيد حميد عطاالله طاهر
21.5.2022
رووعة🌺
ردحذف