نبض نخلة: بين أمواج البحر//الكاتب عبد العالي الحسنى

الجمعة، 26 أغسطس 2022

بين أمواج البحر//الكاتب عبد العالي الحسنى


 مسابقة_اقرؤوا_لتكتبوا

التحدي_الأول: أدب البحار

عنوان_القصة: بين أمواج البحر


أشعة الشمس المحرقة تغري بركوب البحر، والأنفاس المتقطعة بعد يوم مشحون بالتعب ، دفعتني بقوة للبحث عن متنفس  في عالم نظيف لأزيح تعب الأيام .من أجل هذا قصدت  البحرهذا الكائن العجيب الذي نجهل دواخله واغواره  فطلبا في الراحة والاستجمام قصدته  .في طريق التقيت بصديقي علي وهو قائد مركب صغير للصيدالساحلي، تبادلنا التحية ونحن على رصيف الميناء، وكعادته دائما  يدعوني للخروج معه في رحلة بحرية ويشجعني على امتطاء صهوة هذا الجواد الجانح .و لأكتشف جزءً ضئيلا من خباياه وأسراره ،ودون أي تردد وافقت على طلبه. ارخيت الحبال من عقالها، وانطلق صفير المركب يشق الأمواج المنكسرة على رصيف الميناء .كنت في وضع لا يحسد عليه، كم هو صعب أن تجمع بين الخوف والفرح في آن واحد ،فكلما ابتعدت عن الشاطيء وتوغلت في عمق البحر الموحش ،صرت نقطة صغيرة تختفي، حيت يحتضن السماء البحر ويتعانقان كحبيبين غابا طويلا .حق إنه عالم مخيف فحين تجد نفسك وحيدا بين السماء والماء، لاتسمع فيها إلا صوت المحرك الذي تنقطع أنفاسه كلما هبت ريح قوية. كنت صامتا لا انبس بكلمة واحدة مما جعل صديقي علي يكسر هذا الصمت  الذي خيم علينا ،قائلا: تقدم اجلس بجانبي في قمرة القيادة لتستمتع  بالحيتان التي تمر أمام المركب، وكأنها تؤدي له التحية بمناسبة بقدومه.

حلق علي وهويرخي الشباك في المصايد،  و الأسماك تتراقص أمامي وتثب وثبات أسطورية ، لا تصدق، منظرلا ينسى حيت يثب القرش بغطرسته يحاول زحزحة المركب من مكانه ،ويغوص في المياه مخلفا وراءه زبدا ، و سرعان مايتلاشى تجد سمكة الدلفين تقفز بكل قوتها ،وكأنهما يبرزان قوتهما لكل زائر غريب .كانت الشمس تميل للغروب ،وامتجزت أشعتها الذهبية بأمواج البحر الهادئة، حيث حمرتها تغطي سديم الأفق اللامتناهي. وبدأت المراكب تشعل أنوارها ليتحول البحر في لحظة إلى مدينة متحركة بأضوائها القوية ،كانت المراكب تجوب المصايد ذهابا وإيابا بحثا عن رزق وفير،حدثني علي في هذه الأثناء عن نقص في كمية الأسماك وعن انقراض أنواع منها. وفجأة ذهبت أضواء المركب كلها و لم نعد نرى إلا كتلة من الظلام الدامس أمامنا  ،أنه بحر من الظلام تحولت لحظاتنا في رمشة عين إلى كابوس مزعج ، رباه كيف الخروج من هذا المأزق ؟حاول علي أن يتلمس طريقه على ضوء مصباح يدوي يتفقد أماكن الإضاءة ، ولم يلاحظ أي عطب يمكن إصلاحه ، قام بعدة محاولات بينما أنا كنت مصدوما اتمتم بآيات من القرآن الكريم وأدعو الله في سري إن يعيدني لأبنائي سالما .شعر علي بأن الخوف  أخذ مني مأخذه ، وبدأ يحاول التخفيف من روعتي، تظاهرت أمامه أنني لا أخاف ،وأن المصير بيد الله ،واطلقت قهقهة طويلة وأنا اتخيل   نفسي مستقر في بطن قرش عتي أو بين فكي دلفين .(مارد )وما كادت قهقهتى تتلاشى مع صخب الأمواج يدثرها الظلام المطبق  حتى اقتربت منا باخرة صيد في الأعالي، تواصل علي مع القائد وتيقنو من أننا في وضع حرج وإن الخطر يداهمنا، وعزموا على مساعدتنا. رموا بحبالهم وربطنا مركبنا الصغير بالباخرة، سحبتنا نستنير بضوئها حتى وصلنا الميناء. شعرت بنفسي أنني ولدت من جديد، وتعاهدت مع علي أن أعيد معه الكرة  وإن الأعمار بيد الله.

  



الكاتب

عبد العالي الحسني

26.8.2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفتاة من القطار//الكاتب رفيق مارتينوفيتش

 الفتاة من القطار منذ زمن طويل ليلة خريفية واحدة ناعمة كالنساء في ممر قطار منتصف الليل بينما كانت والدتك تغفو متكئة على نافذة المقصورة لقد ت...