معناة
أماه...لقد طلع الصباح.
أبتاه...لقد انتشر الضياء في الدجى...وأضاء النور كل مكان.
غربان القحط تحوم في الأرجاء المسيّجة...تحتبس المهجة الصاغرة... تشكو مذلّتها..وينبعح من سراديب الفاقة...قفرا و ماحقة..
أسلاك شائكة...وألغام تنتظر المنهوكين...الذين يسايرون ركب البغي...يقودهم الجوع الراقد في أمعائهم المطحونة...أبقار مبقورة...دياجير وأغلال...ودخان يتلاشى في الأكوان..
حملت طفليها ...تطمر أطمارها تحت شساعة المحيّا... تصرع شهوتها الدافقة...يدها معروقة وأسمالها بالية...ونظرتها تكسرها الرغبة الباغية..
كان الفجر يحثّ خطاه على الصعيد الصخري المائل...نسائم باردة تشرخ الوجنة الٱمقة...أشجار السرو العالية...والرماد المسجّى يساكن الشجن و يقاسمهم الضنك والمسخرة...يحمّلهم وزر القصيدة والقافية..
ابتلع الظلام ملامحهم البريئة في أغوار الشفق الداجي...وإنساب الجوع يحرّك الحنايا النافقة ويثقل كواهلهم المثقلة...-
-أماه هل هل طلع الصباح...؟
دفنت الأم ظفيرتها في رثاثة جسمها...وتدفق الكمد غائما ...هكست بصوت مصهود..
---بلى لقد إنبلج الفجر...وإرتحل السوقة لأسواقهم...يجرّون شياههم الجاثية...سيحملون التمر والسردين...والساقية.
سيقبلون على مضاربنا...يحملون الخبز الأبيض ...يطرقون بابنا..
مزّت شفاهها كليلة...وضربت بخمارها تواري دمعة جارية...قالت البنت صاغرة..
-أين شطيرة خبز البارحة...؟
---لقد حام حولها الذباب...وأكلتها الهوام النافرة..صبرا بنيتي لقد طاف الرجال في البادية...سنأكل الخبز والزيتون ونشدّ الرحلة الباقية...
-لكن هل للشمس دورة أخرى...هل سيعود الرجال من المراعي...أم ينكثون العهد والنجوى..
ابتلعت الغبن الطافح في مراثيها...وكرع الغمّ دهرا في سواقيها...وإحترق البوح مطمورا في سجيتها...وإنغلق الأمل شبرا في صحاريها...وبقي الأمل صريع الرجاء...خيوطه تبلى على أكفان صحوتها...
الكاتب
محمد سليماني
3.12.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق