نبض نخلة: أدمنتُ جرحكَ//الكاتب مصطفى محمد كبار

الأحد، 27 أغسطس 2023

أدمنتُ جرحكَ//الكاتب مصطفى محمد كبار

 أدمنتُ جرحكَ


يا أيسر الصلاةِ  كم بذلِ التُهمِ   تعاني 

فيكَ  البعدُ  و  عتمةُ  الليالي   الرهبانِ


قد أدمنتُ بجرحكَ  أرقٌ  فتاهَ  عنواني

كلما  أمضيتُ في هواك  الخيبُ  نهاني


حتى  سئمتُ  الحبَ  و  طيبُ  الحياةِ

فإعتزلتُ مجالس القومِ بكثرةِ الخذلانِ


أضوعُ كالسكيرِ  الموجوع  بنحرِ  الألمِ

و رحتُ أجرُ روائي بوحشتي خسراني


قلتُ   هذا قدري   و ربي الذي   هداني

فأصابني بلوعةُ العشقِ و بالجرحِ بلاني


و قد بلغتُ العلياءَ بهواك و أفجعتُ  بهِ

حسبي بكرمُ الصعاليكِ  بالطعنِ  تراني


و العشقُ  ابتلاني  حتى  سهوتُ  بندمٍ

راح يغلبني من جنونَ سكرتي وإدماني


مسالك الدوربِ معكَ  كساحةُ المشانقٍ

راحتْ  تلوحُ بجسدي كالمقتولِ الجبانِ


منذُ  متى  غيثُ الرحيل  أمطركَ سفراً

تمضي بمر خيبتي  كالغريبِ  السكرانِ


قد  روى حقدكَ  جسورَ  أدمعي  و  لذا

فعاد  الحزنُ  يعتليني  و الألمُ  أقساني


فأنا المطعونُ  من شركِ  كل  الحاقدينَ

أطاحني الغدرُ  و السنينُ  نارُ  حرماني


هرمُ الوجهِ  و إن دارَ بغيرَ موعدهِ  إنما

بلدغِ  السنينِ   قد دارَ   الشيبُ  بزماني


و إذا الرماحُ  أقستْ  بضربها بأجسادنا

فأشدها  وجعاً يومَ  تأتيكَ  من  الخلانِ


يا أيها القاتلُ  البعيدُ  لما أشكو  غرامكَ

و  أنتَ  البعيدُ   تهدُ    بأسفلَ   جدراني

  

كأنني    أدمنتُ  بمرهِ   حينما   أهويتهُ

كالجحيمِ أمطرني ناراً  فأحرقَ  مكاني


حتى المنامُ بزحفُ الليالي إني  هجرتهُ

جمرٌ   بالوتينِ  يغلي  و حجرٌ   أجفاني 


فلولا   لسعُ  طعناتُ السيوفِ  بجسدي

ما تهاوت  مملكتي و لا خضرُ  أغصاني


يا من  دللتهُ بعشرتي الطويلة و حملته

يامن بصباحي أسقيتهُ  بنٌ من فنجاني


فوق  صدري  كنتُ  أراقصهُ  عصفوراُ 

يلهو فرحاً  بزهور  البساتينِ  و الجنانِ


قل  لي  كيف  سأحيا  من  بعد  البعاد

قل لي متى الفراقُ  كان يخيطُ بأكفانِ


يا أيها العمرُ   كيف  إنقلبَ   العمرُ  مراً

أين فرحي و حبي الكبير أين أشجاني


هل كانَ  بيني و بينكَ وعدٌ  من سرابٍ 

لتردُ  بالشركِ المرير  من بعدُ  الإحسانِ


ما راقَ  لي طرفٌ يوما أجهدني الفراقُ

و لا شدني  لقربِ الحياةِ  طيبُ إنسانِ


يا من تشهى موتي  قبل فجرُ  المغيبِ

ماذا  ملكتَ  من بعدِ  كلَ هذا العصيانِ

 

قلبي أجرعتهُ بكأسِ الوفاء  و أوفيتُ

فأيُ  دينٍ   تحملهُ    من  بينُ   الأديانِ 


إني أعوذ بهِ  من  سفرٍ  فألقاهُ   بموتي

فكيفَ ألقاهُ و هو الذي  راحَ ل ينساني


أأنساكَ  محالٌ و إن دعاك الغيبُ بنكبٍ

كيف و الروحُ مازالَ  يحملكَ بوجداني


حزني  و قد  بلغَ  شدائدهُ  بكل  واحةٍ

فمالي  أصتدمُ  دوماً  بأوجاعَ  أحزاني


بالشوقِ أجفُ كفوفَ الوغى  من  بعدهِ

أرسو  غريقاً  بالذبحِ   بمهارةُِ   الطعانِ


و  الليلُ    كلما  داهمني   باليأسِ   دنا

أيرضى بالعينين  تروي بمائها  الوديانِ


ف قتلُ  الرحيمِ   حُرمٌ  بينُ  كلِ  قومٍ

و اللئيمِ   جرحهُ قاسٍ  بالطعنِ   مدانِ


أنا اليتيمُ   بين الهزائمِ   صبراً  أرتجمُ

أيمدُ  الحبيبُ  يدهُ  من  بعدِ  الهجرانِ


أم سيحملني الموتُ لدارُ الفناء بفراقهِ

كربُ العمرِ   ذلٌ  و الدهرُ  كفرٌ  قضاني


ليوم القيامة أحملهُ بين أضلعي جرحاً

و إن  توهج الرب  و فاضَ نوحُ  بياني


فأطاحني  البعدُ بسقمُ  الأيامِ و  ردني

لدربُ  العناءِ    بمنايا   السودِ   الغربانِ


كالغبارُ الأعاصيرِ  كانَ  يعلُ  ليعاركني 

كلما إقتربتُ منهُ أدارَ بظهرهِ و جفاني


فكيف  لربيبِ الصدرِ  أن  يسهو غريباً

و الأثرُ  بحمرُ القبلِ  على خديهِ   مبانِ


أهي  مشيئة  الله  صارَ  الجرحُ   ورمٌ

أم هي الأقدارُ  تمضي بجرحي العاني


أدمنتُ  بهواك  عمراً   و  حسبي   أني

أحببتُ كافراً يهوى الحرامَ بكلَ الزمانِ


جأني يشكو  صغيراً  فأكرمتهُ  بعمري

فردَ الدين بأقبحِ ذنبٍ و بالغدر رماني


و يجولُ بوهجُ الشيطانِ بطرفُ العينِ

إذا  ماتَ الشيطانُ  فهو  ربُ الشيطانِ


فأمرُ الراحلينَ  كالكفرِ  حلٌ  بمحارقي

و الدمعُ ينشدُ بوجعهِ للخالقِ الرحمانِ


فعلى  جدرانِ   السماءِ  نقشت  هزائمِ

مدمنٌ بصحبةِ القصيدِ و البوحُ ألقاني


إني  بكلِ يومٌ  أجسُ صراع  ما هبني

أسلو  بين نابِ الأوجاعِ  بنارُ  البركانِ


فالعفةُ  من شيمي و الشموخُ ذو كرمٍ

والطيبُ من صيفاتي بحسنِ العنفوانِ


قلبي يخفقُ  بلهيبُ الطعنِ  و يجهشُ

بالألمُ النخير  و  دك  العظامِ  بالركبانِ


ياأيها البعيدُ بضباب الوجهين بالورى

مالكِ  تذبحُ  قلبي المكنون  كالقربانِ


قد تلاشت  مواكب  أحلامي  بجفاكَ

الأرضُ و السماءُ  بسقوطي  يشهدانِ


فلا تسأل  عن موتي من بعد  الرحيلِ

حجرٌ أرنو   نسيانٌ أنا   فوقَ النسيانِ


كآلهة الموت  إني ماضٍ  بركنُ الغياب

منثورٌ  أمام   الريح   بجرحُ  الأحزانِ


صبرٌ  يا أيها القلبُ  فمن ذاقني  ذاقهُ

الله  من مرُ الكأسٍ  كما  منهُ  سقاني


فأنا الثريا و حسنُ طيبي كلُ مرءٍ  ي

ذكرهُ حتى الأعجامُ  لا تقوى  بنكرانِ


فلا  تعجب  من  طولِ  القصيدِ  إنما

جرحي طويلٌ   من  حلب   لأصفهانِ


الكاتب 

مصطفى محمد كبار.

27.8.2023



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يا رفيق الدرب//الكاتبة نهلة السمان

 يا رفيق الدرب  يا رفيق الدرب الشائك الطويل كم مررنا على محطات العمر حتى بتنا نخاف لو لم نمر كم سحبنا وراءنا ذيول الخيبة  حتى صرنا نتوقع أي ...