قبلة على خدّ الدمع
الدموع تُفضّل أن تموت على خدّها،
ربما لأنها تخاف أن تُنسى إن لامست الأرض،
أو لأنها تعرف أن خدّها آخر مقبرة كريمة للحزن.
لكن إحداها...
تجرأت،
وانزلقت نحو شفتيها،
كأنها زهرة مبلّلة تبحث عن دفء قبلة،
علّها تجد في فمها ما يعيد لها معنى الانسكاب،
ما يجعل موتها حياة مؤجلة في دفتر الحزن.
كم دمعةٍ تمنت أن تتحوّل إلى حرف،
وكم دمعةٍ تمنّت أن تُقرأ لا أن تُجفف.
عندما تبكي،
يتحوّل خدها إلى مرآة مائلة للغياب،
أو إلى أفقٍ تغيب خلفه شموسٌ مبلّلة بالحزن،
ويغدو جسدها خريطة ممزقة،
تشير فيها كل الدموع إلى اتجاهٍ واحد: أنت.
هي لا تمسح دموعها،
بل تتركها تنحت ملامحها من جديد،
كأنها نحاتة حزن،
تغمس أصابعها في وجعٍ قديم،
وتصوغ من كل دمعة تمثالًا من ذاكرة،
يُقيم طقوسه في ليلها الطويل.
دموعها لا تنتهي،
لأن الحب الذي لم يُقال، يفيض من عينيها بلا استئذان،
ولأن الشوق حين لا يجد بابًا، يسيل من الأجفان،
ولا يعرف سوى الخد؛ ليكتب عليه طلاسم
لا يفك شفراتها إلا من استحضر في خلوته مرارة البعاد.
وكلما بللت دمعتها شفتيها،
اهتزّت الكلمات، وتلعثم الصمت،
كأن القبلة المرتقبة خجلت من جسدٍ كلّه بكاء،
وتوضأت بماء الحزن؛ لتقيم طقوسًا
أشبه بتراتيل تُتلى على حافة الخد.
ربما تلك الدمعة التي وصلت فمها،
لم تكن سوى رسالة من الداخل،
تبحث عن معنى جديد للحب،
حب لا يُقال… بل يُذاق.
الكاتب
سيد حميد عطاالله.
29/7/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق