نبض نخلة: فستان الزفاف

الاثنين، 25 يناير 2021

فستان الزفاف

قصة قصيرة بعنوان
 فستان الزفاف 
في هدوء الليل وسكونه تجتاحنا مشاعرٌ و أحاسيس توقظ فينا ذكريات دفينة ، تشعرنا بوحشة الفقد والخذلان ، فمن مددنا لهم أيدينا يوماً ومنحناهم ثقتنا هم من وجهوا لنا الضربات الموجعة ، فهل نستطيع النسيان يوماً ؟
 أو التعايش من جديد مع الحياة بروح تملؤها السكينة والمحبة  . 
في زوايا هذا البيت تقطن أحلام ، هي فتاة حالمة ، ذات شخصية بسيطة بعض الشيء ، لكنها طيبة القلب وحنونة ، كانت ماهرة في الحياكة والتطريز  ، تعطي الاثواب والملابس التي تحيكها جمالا وروعة ، تمسك القماش  بيديها الناعمتين لتصنع منه لوحة فنية ، تعجب الزبائن ، فها هي تقص القماش على لوح القص ثم تقوم بالحياكة بإتقان ، فتحاكي الموضة لتنثر البسمة على شفاه  زبائنها الحالمين بالجمال . 
تستيقظ في الصباح الباكر مع ضوء الشمس ، يداعب وجهها نسيم الصباح ، تصنع فنجان قهوة الصباح اللذيذة ، وكعادتها كل صباح ترتشف قهوتها سريعا كي تبدأ العمل بهمة ونشاط .
وفي هذا اليوم  تجرعت الرشفة الأولى من فنجانها وبلعت ريقها ، ونظرت الى تلك اللوحة الفنية التي صنعتها بالأمس ، وأخذت تتأمَل ما صنعت أناملها من  روعة و جمال . 
إنه فستان زفاف لإحدى الفتيات ، أسندت رأسها على حافة الجدار خلفها وأخذت ترمقه باهتمام بالغ ، ، تعانق تفاصيله ،  لقد انتهى أمرها بهذا المكان ، فها هي تستذكر ما عايشته  لسنوات فقد كانت تحلم بيوم زفافها كأي فتاة من بنات جيلها ، لقد كانت تنتظر فارس أحلامها  بفارغ الصبر كي ينتشلها من وحدتها ، ولكنه القدر لم يمنحها تلك الفرحة . 
بدأت تتزاحمُ بداخلها الذكريات ، أخذت تنكمش في داخلها ، أسرعت إلى خزانتها ، فتحتها امتدت يدها ألى الداخل فأخرجت فستانها الذي صنعته لتلك المناسبة ، لم تكن تريد سوى أن ترتديه يوماً ما ، لكنه لم يحدث ،قامت من فورها  بأرتدائه وأخذت تتأمل نفسها بالمرآة ، كانت تحدق بانعكاس صورة وجهها في المرآة  ،  وتتأمل  معالم الحزن واليأس البادية على تقاسيم وجهها ، امتدت أناملها تمسح على  تجاعيد وجهها ، ثم أخذت تجهش بالبكاء ، حاولت أن تكتم أنفاسها ، خلعتْ الفستان من جديد وهي تردد ( الحمد لله على كل حال ) . 
وتقول في نفسها :  لم يعد لي به حاجة بعد اليوم ،  فقامت بوضعه في كيس أنيق للتبرع  به لإحدى الجمعيات الخيرية لعل أحداً أحق به منها . 
وعادت إلى عالمها من جديد ، فتحت نافذة الغرفة المطلة على الشارع الممتليء بالمارة لتلفح وجهها النسمات الباردة كي تتلاشى لحظات الحزن التي صبغت وجهها بلونٍ قاتمٍ ،  وما هي إلا لحظاتٍ حتى سمعت طرقاتٍ متتاليةٍ على الباب .
 راحت تركضُ مسرعةً لعلها صاحبة الفستان . فتحت الباب  وتسمَرت في مكانها ،  فإذا به يقف خلف الباب .
فتحت الباب محيية  ثم طالت نظراتهما حتى خيل اليهما أنها سنوات من العتاب ، حدق بها وابتسامة ترتسم على وجهه .
 تذكرت سنوات الانتظار الطويلة اعتذرت منه خجلة وقالت آسفه لقد تاخرت كثيرا حتى أني لم أعد أتذكرك عد من حيث اتيت .

الكاتبة 
اكرام التميمي
25/1/2021





هناك تعليق واحد:

عالم افتراضي//بقلم الكاتب عبد الغني أبو ايمان

 عالم افتراضي  عالمنا اليوم مختلف.. حياتنا نعيشها بلون مختلف.. علاقاتنا نربطها بشكل مختلف.. صداقاتنا، زيجاتنا، وظائفنا.. إنجابنا، تربيتنا، ن...