قصة قصيرة بعنوان
فستان الزفاف
في هدوء الليل وسكونه تجتاحنا مشاعرٌ و أحاسيس توقظ فينا ذكريات دفينة ، تشعرنا بوحشة الفقد والخذلان ، فمن مددنا لهم أيدينا يوماً ومنحناهم ثقتنا هم من وجهوا لنا الضربات الموجعة ، فهل نستطيع النسيان يوماً ؟
أو التعايش من جديد مع الحياة بروح تملؤها السكينة والمحبة .
في زوايا هذا البيت تقطن أحلام ، هي فتاة حالمة ، ذات شخصية بسيطة بعض الشيء ، لكنها طيبة القلب وحنونة ، كانت ماهرة في الحياكة والتطريز ، تعطي الاثواب والملابس التي تحيكها جمالا وروعة ، تمسك القماش بيديها الناعمتين لتصنع منه لوحة فنية ، تعجب الزبائن ، فها هي تقص القماش على لوح القص ثم تقوم بالحياكة بإتقان ، فتحاكي الموضة لتنثر البسمة على شفاه زبائنها الحالمين بالجمال .
تستيقظ في الصباح الباكر مع ضوء الشمس ، يداعب وجهها نسيم الصباح ، تصنع فنجان قهوة الصباح اللذيذة ، وكعادتها كل صباح ترتشف قهوتها سريعا كي تبدأ العمل بهمة ونشاط .
وفي هذا اليوم تجرعت الرشفة الأولى من فنجانها وبلعت ريقها ، ونظرت الى تلك اللوحة الفنية التي صنعتها بالأمس ، وأخذت تتأمَل ما صنعت أناملها من روعة و جمال .
إنه فستان زفاف لإحدى الفتيات ، أسندت رأسها على حافة الجدار خلفها وأخذت ترمقه باهتمام بالغ ، ، تعانق تفاصيله ، لقد انتهى أمرها بهذا المكان ، فها هي تستذكر ما عايشته لسنوات فقد كانت تحلم بيوم زفافها كأي فتاة من بنات جيلها ، لقد كانت تنتظر فارس أحلامها بفارغ الصبر كي ينتشلها من وحدتها ، ولكنه القدر لم يمنحها تلك الفرحة .
بدأت تتزاحمُ بداخلها الذكريات ، أخذت تنكمش في داخلها ، أسرعت إلى خزانتها ، فتحتها امتدت يدها ألى الداخل فأخرجت فستانها الذي صنعته لتلك المناسبة ، لم تكن تريد سوى أن ترتديه يوماً ما ، لكنه لم يحدث ،قامت من فورها بأرتدائه وأخذت تتأمل نفسها بالمرآة ، كانت تحدق بانعكاس صورة وجهها في المرآة ، وتتأمل معالم الحزن واليأس البادية على تقاسيم وجهها ، امتدت أناملها تمسح على تجاعيد وجهها ، ثم أخذت تجهش بالبكاء ، حاولت أن تكتم أنفاسها ، خلعتْ الفستان من جديد وهي تردد ( الحمد لله على كل حال ) .
وتقول في نفسها : لم يعد لي به حاجة بعد اليوم ، فقامت بوضعه في كيس أنيق للتبرع به لإحدى الجمعيات الخيرية لعل أحداً أحق به منها .
وعادت إلى عالمها من جديد ، فتحت نافذة الغرفة المطلة على الشارع الممتليء بالمارة لتلفح وجهها النسمات الباردة كي تتلاشى لحظات الحزن التي صبغت وجهها بلونٍ قاتمٍ ، وما هي إلا لحظاتٍ حتى سمعت طرقاتٍ متتاليةٍ على الباب .
راحت تركضُ مسرعةً لعلها صاحبة الفستان . فتحت الباب وتسمَرت في مكانها ، فإذا به يقف خلف الباب .
فتحت الباب محيية ثم طالت نظراتهما حتى خيل اليهما أنها سنوات من العتاب ، حدق بها وابتسامة ترتسم على وجهه .
تذكرت سنوات الانتظار الطويلة اعتذرت منه خجلة وقالت آسفه لقد تاخرت كثيرا حتى أني لم أعد أتذكرك عد من حيث اتيت .
الكاتبة
اكرام التميمي
25/1/2021
روووعاتك...سلمت الانامل🌺💞🌺
ردحذف