إذا كنت ذا رأي ..فكن ذا عزيمة..
جلال طفل يبلغ التاسعة من عمره..عندما يطل الصباح تراه نشطا حاملا متاعه متوجها إلى مكان يزدحم فيه الناس..
وهو ينادي..صباغ للأحذية..ملمع لها..تعال واقترب إن كنت تريد الأناقة..فأناقتك تكتمل بتلميع حذائك..وكان من الناس من يسره كلام جلال ومنهم من يمتعض منه..ومنهم من يسخر..لكن جلال مع هذا وذاك تراه دوما مبتسما..
إلى أن مر يوم من الأيام وصادفه شخص نبيل ..ألقى الشخص التحية على جلال وهو مبتسم..وقال له دعني أسألك ما سر ابتسامتك هذه ..قال جلال يا عم أقول لك كما يقول البيت الشعري..
لا تحسبوا رقصي بينكم طربا
إنما أرقص من شدة الألم
فهز الرجل رأسه وعلم أن وراء تلك الابتسامة حزن وألم شديدين..فأخذ جلال يسرد للرجل النبيل قصته ..وكيف أنه قد توفي والداه في الحرب..وتركا له أختين وأخ صغير رضيع..
وبعد حوار دام النصف ساعة تقريبا ..أخذ الرجل عنوان جلال وذهب إلى بيته ليجده كوخا صغيرا وبنتان صغيرتان ومعهن صبي رضيع فحزن الرجل كثيرا ..وذهب مدة ليست بالقصيرة ليأتي إلى بيت جلال ومعه امرأة قد كلفها بعنايتهم مقابل راتبا شهريا لها..وهكذا تغيرت حياة جلال وأختيه وأخيه الرضيع برعاية المرأة لهم ..
وعاد الرجل لجلال فسأله لكني لم أعلم لحد الآن ما سر ابتسامتك..فقال له جلال..
عجبت من بعض الأغنياء كلما مروا بي سخروا مني وخاصة أولادهم الذين هم في سني..كوني امتهن هذه المهنة..
والله يا عم ..نحن من نجعل أناقتهم كاملة ..فانظر إليهم ..إن كانت عفوا أحذيتهم قذرة لايمكن لأناقتهم أن تكتمل..
لذلك كلما رأيت أحذيتهم عليها الغبار وددت لو سمحوا لي بتلميعها..لكن قلوبهم طغى عليها العمى ورفعوا رؤوسهم وتكبروا على الضعفاء من الناس..
ومهما تعالَوا..فنحن الفقراء أحباب الله..
لذلك تراني مبتسما دائما يكفي أنني من أحباب الله..
الكاتبة
إيمان العباسي
3.9.2021
روووعاتك...🌸🌹🌻
ردحذف