نبض نخلة: صَفَّارة الموت//الكاتبة أية أحمد عبدالرحمن

الجمعة، 11 مارس 2022

صَفَّارة الموت//الكاتبة أية أحمد عبدالرحمن

 صَفَّارة الموت

                          

لا أشعر بجسدي، أطرافي كابدها التنميل لا أقوى على حلحلتها، عيني لا أستطيع فَتحها، غفوتُ وأنا لا أعلم ما يحدث، حتى وجدت نفسي في مكان يسودهُ الظلام، يخترقه ضوء ذَو من خرقِ صغير، صُدمت حين تبين لي أنه نفق تحت الأرض، أبصرت حولي لأرى أشلاء لأجساد بشرية وهياكل عظمية، انتابني الذعر، تَعرق جسدي ثُم نكست دقات قلبي، سمعتُ صوتًا ورائي يتجه نحوي، رأيت وحشًا عملاقًا، جلده مُغَطٍّ باللون الأسود، عينيه حاذقة كبيرة لا يوجد بها تجويف أبيض مثل أعين البشر، كنت أقف أمامه كأنني حبة رماد، فرق الطول بيننا شاسع ومخيف، فَور رؤيتهِ تجلط الدم في عروقي وفقدت الوعي...

حين استعدتُ وعي وجدت هذا الوحش العملاق يحدق بي في ذهول وسألني:- ماذا جاء بكَ هنا أيها البشري؟، تلعثم لساني من هَول اَلدَّاهِيَة التي كنت فيها فلم أتمكن من استجماع الأحرف لأجب عليه، ثُم كرر السؤال مرة أخرى وبدأ على وجههِ الحَنق وعينيهِ الكبيرة تشتاط غضبًا، استطعت أخيرًا تهدئه نَفسي لأجيب عليه:- لا أعلم ماذا حدث أخر شيئًا أتذكره أنني غفوت بعد إرهاق شديد ولم أدرك ما حدث بعد ذلك... ضَحك الوحش ضحكةً خَشنة مُزعجة قائلًا:- حسنًا لقد جئت إلى حتفك بإرادتكَ كل البشريين الذين جاءوا إلى هنا جاءوا رغمًا عنهم إذا كنتم ترون نفسكم عظماء، فنحن لا نراكم غير وجبةٍ دسمةٍ ومكافأة لنا بعد يوم شاق، شَقّ اَلرَّوْع قلبي ورَقدتُ أرتقب هلاكي ونهايتي على يد هذا الوحش، صرخت صرخات دَوت المكان لأطلب النجاة دون جدوى، تَردد صوتي مرة أخرى، حينها أدركت أن هذا مكان مهجور ولا فرار من الموت بهذه الطريقة البشعة وأذعنت للجحيم الذي قَبعت فيه، التقطني الوحش بيديهِ الكبيرة أيقنت أن هذه لحظاتي الأخيرة أغمضت عيني وقلبي يرتجف من الخوف وانتظرت برهة لكنه لم يأكلني، كنت أموت ميتة بشعة في خيالي بين الدقيقة والأخرى، اصطحبني لمكانِ أشد بشاعة، مكان دَميم...

يَعج بأشباهِ وحوش عملاقة مخيفين، أدهشتني أطوالهم اَلسَّامِقَة ما أن أبصروني حتى سَال اللعاب من أفواههم، كأنهم جياع منذ قرنِ، هَللوا وهم يَصْدَحُونَ:- أخيرًا حصلنا على وجبة دسمة، جاءوا ليحدقوا بي وأعينهم يطغي عليها اَلضَوْر، تعالت ضحكاتهم وهم يدبرون كيف سيأكلونني وما نصيب كُلًّا منهما، شعرت للحظة أنني فأر وَتَفْتَرِسهُ بعض القطط، لم أكن أقَوي على تحمل ما رأيته بَركَت وأنا أنعي نفسي واستعد لِمَنِيَّتِي، وضعوني في قفص حديدي وَثيق، كأنهم اعتادوا أن يضعوا ضحاياهم فيه ليستلذوا بموتهم مَعْنَوِيًّا قبل أن يَفْتَرِسُهَا، استسلمت لنهايتي اَلْوَخِيمَة، وإذا بأحد من تلك الوحوش جاء يتحدث معي وعلى وجهِه ابتسامة بلهاء ليقل:- أنتم البشر تأكلون كل الكائنات الأضعف منكم وهذا ما نفعله نحن أيضًا معكم ولا فرار من كونكم وجبة مفضلة لنا، صرخت في وجههِ قائلًا:- متى ستأكلونني لما كل هذا العذاب والانتظار، أجابني:- قريبًا جِدًّا لقد اقترب موعد العشاء وحينها ستدَوي صَفارة لنستدعي كل رفاقنا لنتقاسم الطعام، مرت دقائق قليلة ثُم سمعت صوت اَلصَّفَّارَة يَدوي المكان فأدركت أنني سأموت... صرخت صرخة جعلتني أنتفض من على سريري وقلبي منخلع من الرعب والخوف، وأنا أسأل ، ماذا يحدث، لا أستطيع التنفس، ألهث كأني كنتُ في سباقِ حَثِيث جسدي يرتعش، شَعرت أن دَمي يسيل في عروقي كسيلان اَلْحُمَم القائظة من البركان، بدأت أطمئن نفسي، وأخبرها أنه مجرد حلم لن يتحقق، تناولت كوب الماء من جوارِ وهوي الماء إلى حلقي كأنه هَوي إلى أرضِ بَغِرّ عطشة...


الكاتبة 

أية أحمد عبدالرحمن

11.3.2022




هناك تعليق واحد:

  1. Mysuru Casino - The HERZAMMAN
    Mysuru Casino https://jancasino.com/review/merit-casino/ - The Home of the herzamanindir Best of the Slots! Visit us to Play the best https://tricktactoe.com/ slots and enjoy the gri-go.com best poormansguidetocasinogambling.com table games in our casino. Visit us

    ردحذف

بين نارين//الكاتبة أم الخير

 بين نارين نار توقد على محمل ... المواقيت المبعثرة  ... وفي الخاطر صولات وجولات ... وأزيز  يضج مضاجع التائهين ...  كومة من جليد  متراصة ... ...