قَبَسَاتٌ من نور٢
التَاسِعُ عَشَرُمن نوفمبر2022(من وحيِ القرآن ِالكريمِ والحديثِ النبويِ الشريفِ): " بِرُّ الوالديْن ": بحث من إعداد:حسين نصر الدين .
ذُلُّ الزمانِ وقَهْرِهِ (ب) :
منْ أصعبِ المواقفِ بالحياة ِ:وبالطبع أبنائي وبناتي:كلناسمعَ وقرأَالحديث الأشهر:(أنتَ ومالُكَ لأبيكَ):وهذا الحديث رغم خصوصيتِه إلا أنَّه يُتخذُ لعامةِ الأمةِ،وهوحديث مُعتضد بأحاديثَ أخرى منها حديث أمنا أم المُؤمنين عائشة بنت الصديقِ رضيَ الله عنهما والذي رواه ابن ماجه والإمام أحمد وصححَّه الألباني في(الأحاديثِ الصحيحة) والشوْكانِي في نيْلِ الأوطار ِومناسبتُه: (فعن جابررضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله إن لي مالاً وولداً،وإن أبِي يُريدُ أنْ يجتاحَ مالِي، فقال:(أنت ومالك لأبيك)وفي لفظِ الإمامِ أحمد(أنت ومالك لوالدك،إن أطيب ما أكلتم من كسبكم،وإنَّ أولادَكم من كسبكم فكلوه هنيئاً)ويُستدلُ من الحديثِ أنَّ للرجلِ أنْ يُشاركَ ولدَه في مالِه،فيجوزله أنْ يأكلَ منه ويأخذَ قدرَحاجتِه منه،سواءً أّذِنَ له الولدُ أو لمْ يأذَنْ،ويجوز ُله أنْ يتصَّرَّفَ بمالِه ما دامَ مُحتاجَاً بشرطٍ ألا يكونَ ذلك على وجه السرف والسفه، وذَهبَ أهلُ العلمِ إلى أنَ اللام في الحديث لام الإباحة لا لام التمليك،فإن مال الولد له أيْ للولدِ،وزكاتَه عليْهِ،وهو موروثٌ عنْه،ولكنَّ قُصِدَ من الحديثِ أوجه برِالوالدِ وحقه لدى أبنِه.
كما قرأنا وقرأَ مُعظمنا قصة الثلاثة الذين سدتْ كهفَهم الصخرة وانطبقتْ عليهم ، ودعا كلٌ منهم بعملٍ صالحٍ فعله لوجهِ الله ِتعالى ويطلبُ من الله أن يُفَرّجَ عنهم ما هم فيه ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ:(انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ حتَّى أوَوْا المَبِيتَ إلى غَارٍ،فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ،فَسَدَّتْ عليهمُ الغَارَ،فَقالوا:إنَّه لا يُنْجِيكُمْ مِن هذِه الصَّخْرَةِ إلَّا أنْ تَدْعُوا اللَّهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ)وشرَحَ أهلُ العلم عنْ هذه القصة أنَّ ثلاثةً دخلوا الغارَحينما أصابَهم مطرٌ في سيْرِهم،وهمُّوا بالمبيتِ بالغارِ،وبمجرد دخولهم حطتْ صخرةٌعظيمة من أعلى الجبل فسدتْ عليهم فتحة الغارِ،حتى أنه سارَهذا الغارمثل الصندوق الذي وُضعوا فيه،وقدْ أُغلق عليهم بإحكامٍ فمهما يُنادوا لايسمعهم أحدٌوقال بعضهم لبعض ٍأنَّه لا يُنجيكم مما أنتمْ فيه إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم،فلنْ يُجديَ صريخًاومناداة،والشيئُ الوحيدالذي ينفعُكم هو أنْ يسمعَ ويستجيبَ اللهُ لنا ويُنجيَنا مما نحنُ فيه،فَقالَ رَجُلٌ منهمْ أحد الثلاثة وهو ما يعنينا في قصةِ الثلاثة ِ:(اللَّهُمَّ كانَ لي أبَوَانِ شيْخَانِ كَبِيرَانِ،وكُنْتُ لا أغْبِقُ قَبْلَهُما أهْلًا،ولَا مَالًا فَنَأَى بي في طَلَبِ شيئٍ يَوْمًا"بمعنى تأخرفي العودة"،فَلَمْ أُرِحْ عليهما حتَّى نَامَا،فَحَلَبْتُ لهما غَبُوقَهُمَا،فَوَجَدْتُهُما نَائِمَيْنِ وكَرِهْتُ أنْ أغْبِقَ قَبْلَهُما أهْلًا أوْ مَالًا،فَلَبِثْتُ والقَدَحُ علَى يَدَيَّ أنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حتَّى بَرَقَ الفَجْرُ،فَاسْتَيْقَظَا،فَشَرِبَاغَبُوقَهُمَا،اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ،فَفَرِّجْ عَنَّا ما نَحْنُ فيه مِن هذِه الصَّخْرَةِ،فَانْفَرَجَتْ شيئًا لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ ،أيْ انفرجتْ قدرالثُلُثِ).فيقول الأول في قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة اللهم إنه كان لي أبوان شيْخيْن كبيريْن فكنت أخرج أرعى الغنم وأعودُ،ولا أغبق قبلهما أهلًا،ولا مالًا،أيْ أنه إذا رجع حالبًا الغبوق أيْ الحَلّبة التي تكون من الغنم أومن الإبل في آخر النهار،فالرجل يأتي مع غروب الشمس إلى أهله وهذا الحليب الذي يأتي به هوما يسدُ به رَمَقَ والديْه،وجوْعة أبنائِه زوجته،ولنا في هذه القصة لعبرةٌ وموعظةٌ حسنة ٌ.
وختاماً فالبرُ ديْنٌ ووفاء ٌ أي ْ كما يُقالُ(سلَفٌ وديْنٌ): وإنما هذه لعبرةٌ لمنْ يعتبرُ ، وإنَّ فيه لذكرى لمنْ كانَ لهُ قلبٌ أو يملكُ شعوراً طيباً وإحساساً راقياً ،ولعَّلَّهُ تعيَ هذا الكلام أُذُن ٌ واعيةٌ،وللحديثِ بقيةٌ إنْ كانَ ي العُمْرِ بقيةً .
الكاتب
حسين نصرالدين
19.11.2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق