نبض نخلة: العدل والظلم فمن ينتصر//بقلم الكاتب حسين نصر الدين

الاثنين، 14 يوليو 2025

العدل والظلم فمن ينتصر//بقلم الكاتب حسين نصر الدين

 الضِّدَّانُ:العدلُ والظلمُ .فمن ينتصرُ.؟: 


وكما قال الشاعر أبوالطيب المُتنبِّي : والضِّدُ يظْهَرُ حسنَه الضدُ .. وبضِدِّها تتميَّزُ الأشيَاء ُ ..

فدائماً ما يستحضِرُنِي قول المتنبي (وبضدها تتبين الأشياء أوتتميَّزُ) وكذلك قول دُوقلة المنبجي :

(ضدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ) مُقتبِسَاً من المُتنبِّي . وهذا يدفعني للتفكير في ضد الأشياء (وإن كنت أظنُّها واضحةً) لأنَّه يُعطي عُمقاً في المعنى قد يغيب ُعلى كثير من الناس .

" بضدها تعرف الأشياء " : هي حكمة ٌعربيةٌ قديمة ٌتعنِي أنَّ الأمورَتتضح ُوتتميّزُمن خلال مُقارنتِها بأضدادِها. بعبارة ٍأخرى ، نفهم قيمة الشيء وخصائصِه بشكلٍ أفضلَ عندما نراه في سياق نقيضِه أوما يُعاكِسُه .

فالحكمةُ تُؤكدُ على أهمية المُقارنة في عمليةِ الفهمِ والإدراك،فعندما نُقارنُ بيْن شيئيْن مُختلفيْن،نتمكَّنُ من تحديد نقاط التشابه والاختلاف،مما يُساعدنا على فهم كل منهما بشكلٍ أوضحَ،ومن الحكمة ما يُساعدُنا على فهمِ الأمورِ بعمقٍ وأكثر شموليةٍ،فنحنُ نفهمُ معنى الكلمات والمفاهيم بشكلٍ أفضلَ بمعلومية معكوساتِها،فمثلاً:نعرفُ معنى (الجمال) حينما نعرف عندما نعرف ماهو(القبح)،ونفهم معنى(الخير)عندما نعرف ما هو(الشر)وكذا الأبيض والأسود،والصحة بالمرض،والحرب والسلام،ومن هذا كله نعرفُ معنى العدلِ ونقيضه الظلم وهذا موضوعنا: 

الظُلْم ُ:

وَرَد َ في الحديث النبوي الشريف الذي أخرجَه الإمامُ مُسلمٌ في صحيحِه،عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ النّبي ﷺ قال:"اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ،واتَّقُوا الشُّحَّ،فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ،حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ " .

"الظلم ظلمات يوم القيامة" يشيرُإلى أنَّ الظلمَ في الدنيا سيتحولُ إلى ظلماتٍ وعقوباتٍ شديدةٍ على الظالم في الآخرة. فالظلم يشمل كل أشكال التعدي على حقوق الآخرين،سواء كانتْ حقوقاً مالية،أوجسدية،أومعنوية .

فالظلم :هو كل ما يخرجُ عن العدل والانصاف،ويشمل ُالتعدِّي على حقوق الآخرين قولاً أوفعلاً أوتركاً . 

ظلمات يوم القيامة :تعنِي الشدائد والعقوبات التِي يُواجهها الظالمُ في الآخرة،وقد تعني أيضاً أنَّه لنْ يجد َطريقاً للنجاة أوالهُدى في ذلك اليوم . 

أنواع الظلم : ظلم الإنسان لنفسه بترك الطاعات وارتكاب المعاصِي .

ظلم الإنسان لغيره: يشمل الظلم المالي،والبدني،والاجتماعي،واللفظي،والمعنوي،وغيرها من أشكال الظلم .

ظلم الله تعالى: بمُخالفة أمره وارتكاب ما نهى عنه . 

التحذير من الظلم : فالحديث يُحذِّرُمن الظلم بجميع أشكاله،ويُحثُّ على تقوى الله واتباع العدل . 

الظلمُ لا يقتصرُعلى ظلم الأفراد لبعضهم البعض،بلْ يشمل أيضاً ظلم الحاكم للمحكُومين،وظلم القوي للضعيف. 

وظلم الجارلجارِه،وظلم الزوج لزوجتِه،وظلم الزوجة لزوجها،بعدمِ طاعتِه وعدم توقِيرِه،وظلم الأبناء لأبيهم ببعض صورِالعقوقِ،وعدم مُناصرة المظلوم ممن حوله ظلمٌ صُراخ،وعدمِ كفِّ الظالمِ عنْ ظلمِه وهويعلمُ بظلمِه جيداً فهو أيْضاً ظلمٌ،بنصِّ الحديث الدال على ذلك:(انصرْأخاكَ ظالماً أومظلُوماً..)إلى آخرِالحديثِ المشْهُور،والذي يعلمُه الكثيرُون ويفقههُ القليلون،والتخلِّي عن أخيكَ في مِحْنتِه،وأنتَ تعلمُ كمْ يُعاني!،ولا تسعَى لتوفيقِ أوضاعهِ أو قضاءِ مسألتِه،ونُصرتِه،إنَّه لظلمٌ بيِّنٌ،والظلم يعود بالضررعلى الظالم نفسه في الدنيا والآخرة،وحسبُنا الله ونعم الوكيل . 

العدْل ُ: أهمية العدل : العدل أساس الملك وعمارة الأرض .

الإسلام دين العدل والمُساواة،وحث على التزام العدل في جميع جوانب الحياة .

العدلُ يُؤدِّي إلى استقرارالمُجتمعات وأمنِها وأمانِها وازدهارِها،بيْنما الظلمُ يُؤدِّي إلى الفساد والخراب . 

العبارة " الظلمُ مُؤذِنٌ بخراب العمران" هي مقولة شهيرة قرأتُها لابن خلدون :

وتشيرُإلى أنَّ انتشارَالظلم في أيِّ مُجتمعٍ يُؤدِّي إلى تدهوِرِه وخرابِه،بمعنى آخر،الظلم هو سبب رئيسي لانهيار الأمم والدول،وتفسيرهذه المقولة يعُودُ إلى أنَّ الظلم يُؤدِّي إلى اختلال في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، ويخلق حالة من عدم الاستقراروالاضطراب،عندما يشعرُالناس بالظلم،يفقدُون الثقة في حُكامهم وفي نظامِهم الاجتماعي،ممَّا يُؤدِّي إلى تراجعِ الإنتاجية،وهروب رءُوس الأموال،وتفشِّي الفساد،وبالتالي انهيارالعمران . 

وابن خلدون،من خلال هذه المقُولة،يُؤكدُعلى أهمية العدل كأساسٍ لقيام وازدهارالمُجتمعاتِ التي يسُودُها العدلُ ويُشيرُإلى أنَّ العدل هو الذي يُحققُ التوازن َوالاستقرارَفي المُجتمع،ويُحفزُّالأفرادعلى العمل والإنتاج،ممَّا يُؤدِّي إلى ازدهارالعمران،فالظلمُ كما روى ابن خلدُون هو(مُؤذنٌ بخرابِ العمران)،والبيت الذي يحوي بين جنباتِه ظالماً ومظلوماً إنَّما هوبيتٌ خرِبٌ . وتَحْوِي هذه الحكمة بين طيَّاتِها تحذيراً من مغبَّةِ الظلمِ،تأكيداً على أهميةِ العدل سواءً على مُستوى الفرد أوالمُجتمعِ،كأساسٍ لبناء الأسرةِ والمُجتمعِ .

ويحْضُرُني قول الإمام الشافعي رحِمَه الله،الذي في الأصلِ للإمام علي بن أبي طالبٍ رضيَ الله عنه وكرَّمَ وجهه:

لا تظلِمَّنَّ اذا ما كُنْتَ مُقتدراً ** فالظلمُ آخرُه يأتيكَ بالندم ِ **

نَامَتْ عيونُك َوالمظْلُومُ مُنتبِهٌ ** يَدْعُو عليْكَ وعيْنُ الله لم ْتنم **

وفي الختام : الظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة،والعدلُ طريقُ النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة .


حسين نصر الدين .

14/7/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حبيبتي اسميتها مريم ج7 بقلم الكاتب يوسف علي

 حبيبتي أسميتها مريم ج7 عيناك مريم عندما ترتد عن صدري فتشعل لي جبيني  وبلحظة سقطت من الطرف الانيق لساعة الجدران إذ هجعت على طرف السرير ... ت...