طيف الغياب
في ليلة ساكنة، جلست سارة على شرفة منزلها، تتأمل السماء المزينة بنجوم خافتة. حملت فنجان القهوة بيد مرتجفة، بينما كانت الأفكار تتزاحم في ذهنها. صوت الريح الخفيف كان أشبه بصدى خافت لنداءٍ بعيد، نداء لم تستطع تجاهله.
سارة: "أين أنت؟ لماذا كل شيء يبعدني عنك؟"
كانت الكلمات تخرج كأنها حديث مع نفسها، لكنها شعرت بأنها موجهة إلى شخص غائب. سنوات مرت، وسارة تعيش بين الحلم والوهم، تبحث عن ذلك الطيف الذي يملأ قلبها ولكنه يبقى بعيدًا عن متناول يدها.
الحلم والوهم
في إحدى الليالي، غفت سارة على كرسيها، لتجد نفسها في حلم غريب. كانت تسير في ممر طويل، تحيط بها ظلال لا نهاية لها. خطواتها مترددة، تخشى أن تتقدم لكنها تجد نفسها مجبرة على السير. فجأة، ظهر وجه مألوف أمامها، وجه ناعم وحانٍ، يناديها بهمس عذب:
الصوت: "سارة، تعالي. الطريق أمامك."
سارة (بتردد): "من أنت؟ لماذا تشعرني وكأنني أعرفك منذ الأزل؟"
لكن الصوت اختفى قبل أن تجد إجابة.
الصراع الداخلي
استيقظت سارة من الحلم، وقلبها يخفق بشدة. شعرت بصراع داخلي، بين خوفها من التقدم نحو المجهول ورغبتها الملحة في ملاحقة ذلك الطيف.
سارة (لنفسها): "هل أعيش وهمًا؟ أم أن هذا الحلم يحمل رسالة؟ لماذا أشعر وكأنني أخطو نحو شيء قدري؟"
أيام مرت، وسارة لا تزال تبحث. في كل مكان تنظر إليه، ترى انعكاسًا لذلك الوجه، وكل صوت تسمعه يبدو كأنه يناديها. كانت تتجول في الطرقات، تائهة بين الأمل والواقع، تبحث عن شخص لم تكن متأكدة من وجوده.
المواجهة
في إحدى اللحظات الحاسمة، وجدت نفسها تقف أمام مرآة كبيرة في غرفتها. نظرت إلى وجهها الذي يعكس سنوات من الشوق والانتظار.
سارة (بصوت خافت): "ربما الطيف الذي أبحث عنه ليس إلا انعكاسًا لما في داخلي. ربما هو أنا، أو شيء أفتقده في حياتي."
لكن قلبها لم يقتنع. في أعماقها، كانت تؤمن أن هناك شخصًا، غائبًا لكنه حقيقي. شخصًا يُكملها، ويعيد للدنيا معناها.
النهاية
خرجت سارة إلى الشرفة مرة أخرى، تتأمل السماء التي أصبحت الآن مظلمة تمامًا. شعرت بهدوء غريب يغمرها، كأن الكون يهمس لها:
الريح: "ابحثي، لكن لا تفقدي ذاتك. الطيف الذي تبحثين عنه قد يكون أقرب مما تظنين."
ابتسمت سارة بحزن، وعادت إلى الداخل. أدركت أن الغياب قد يكون عنوانها الآن، لكنه أيضًا ملاذها، الحلم الذي يملأ فراغها. وبين الحلم والوهم، قررت أن تستمر في البحث، لأن الأمل هو ما يبقيها على قيد الحياة
الكاتب
هيثم الزهاوي.
30/8/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق