صَرِيخُ الغُرْبَةِ
أَضَعْتُ وَطَنًا لَمْ تَبْقَ مَلَامِحُهُ
كَنَاثِرِ الرَّمْلِ بِرِيحٍ كَيْفَ يَجْمَعُهُ
وَطَنٌ أَقَامَ بِالْحَشَى أُوَارُهُ
وَدُمُوعُ عَيْنِي حَرُّهَا يَتْبَعُهُ
مَا بَالُ مَنْ هَجَرَ الدِّيَارَ لِغَايَةٍ
فَالْبُعْدُ قَهْرٌ لَا يَخِفُّ مُوجِعُهُ
كَمْ فَرْحٍ بَيْنَ أَهْلِي شَهِدْتُهُ
صِبَايَ فِيهِ وَدَهْرِي كَيْفَ يُرَجِّعُهُ
صَحَوْتُ مِنْ سُبَاتِ الْغُرْبَةِ بِنَدَامَةٍ
وَلِلنَّأْيِ صَرِيخٌ بِقَلْبِي بَاتَ يَخْلَعُهُ
مَا مَرَّ مِنْ نَصَبٍ إِلَّا وَقَدْ قَهَرْتُهُ
حَنِينِي إِلَى وَطَنِي بِالْكَادِ أُنْزِعُهُ
قَدْ مَنَّ اللهُ لِلنَّاسِ بِأَرْضِهِمُ
فَكَيْفَ يَجْحَدْ بِقَدَرِ اللهِ وَيَدْفَعُهُ
عَزَاءُ الْأَحِبَّةِ لَيْسَ فَقْدُهُمُ
الْأَسَى لِمُحِبٍّ أَضْحَى يُوَدِّعُهُ
لَا يَسْتَكِينُ قَلْبِي وَلَا يَرْحَمُنِي
أُنَاجِي ثَرَاهُمْ وَفِي الدُّمُوعِ أُقَنِّعُهُ
مَا عُدْتُ بَيْنَ أَهْلِي إِلَّا غَرِيبًا
يَسْتَغِيثُ نَجْوَايَ لَيْتَ اللهَ يَسْمَعُهُ
إِذَا ذُقْتُ الْمَنِيَّةَ فِي غُرْبَتِي يَوْمًا
فَهَلْ لِجُثْمَانِي مِنْ أَهْلِي يُشَيِّعُهُ
لَا تَحْسَبَنَّ لِعَيْشٍ طَابَ لِمُبْعَدٍ
عَاثَ الْفِرَاقُ وَرُبَّمَا أَفْجَعُهُ
أَلَا وَلَقَدْ شَرِبْتُ مُرَّ غُرْبَتِي
الْمَرْءُ يُخْطِئُ وَالْوِزْرُ أَتْرَعُهُ
أَسَفِي لِمَنْ عَقَدَ بِالْهَجْرِ غَايَتَهُ
لَعَلَّ رِثَاءَ حَالِي وَالْأَسَى يَرْدَعُهُ
إِلَهِي إِنْ تَكَرَّمْتَ الرُّجُوعَ بِنَفْحَةٍ
وَعَدْ لِيَ زَهْوَ أَيَّامِي أَرَصَّعُهُ
الكاتب
جمال إسكندر.
11/8/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق