نبض نخلة: ظل السنديانة//الكاتبة إكرام التميمي

الأحد، 1 يونيو 2025

ظل السنديانة//الكاتبة إكرام التميمي

 ظل السنديانة  


في إحدى القرى الصغيرة من قرى السلط، وفي سفوحها الجميلة ،كانت السنديانة العتيقة شاهدة على الحكايا 

الحب التي لا تموت . 

وجذعها الملتف كضفائر جداتنا، وأغصانها تمتد كأذرع الأخطبوط، تخبئ أسرار العاشقين بين ثناياها .


كانت هناك فتاة تدعى "حلا "تجلس تحت السنديانة كل فجر ، تغني لراعي الغنم الذي يمر من بعيد، ولكنها لم تجرؤ يوماً على الحديث معه، ولم يكن هو يملك من الجرأة ما يكفي ليتقرب إليها . 

بين نظرة خجلى واختفاءٍ، كان الحب يزهو في العيون ويذبل على الشفاه . 


لكن الريح لا تهدأ في أرض النشامى الشجعان. 

وذات مساء تقدم ابن المختار لخطبة حلا، فهزت السنديانة أوراقها وكأنها تهمس: الحب لا يشترى . 

رفضت الفتاة هذا الزواج ، فغضب والدها، 

وقام بسجن قلبها في بيت بلا نوافذ . 


فقررت الهرب، ليلة هروبها كانت السماء معبأة بنجوم خائفة . 

فتسللت نحو السنديانة وفي يدها منديلاً مطرزاً أودعته تحت الجذع، كأنها تودع ظلها . 

ومنذ ذلك اليوم لم يرها أحد بعد ذلك.


قيل أنها رحلت إلى الجنوب، وتنكرت بثوب بدوي، وعاشت تتنقل بين القبائل تحفظ الشعر وتروي المواويل .

وقيل أن الراعي الذي أحبته مات شاباً وهو يردد الأشعار ويغني لها تحت السنديانة . 

ومنذ ذلك الحين، كل من يجلس هناك في المساء، يسمع صوتاً خافتاً يغني: 

يا راعي الهدلة .. 

خبي الحنين .. 

تحت السنديانة .. 

فاضت دموع العين ..


ولا زالت الناس تتناول تلك الحكاية كرمز للحب الذي لا يموت . 

ولكن ها قد مات الحب وغابت الوجوه ، ولكن ما زالت آثاره باقية . 



الكاتبة 

إكرام التميمي.

1/6/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 مسارٌ أبهى//الكاتب سيد حميد عطاالله الجزائري.

 مسارٌ أبهى هنا عمرُ ابنِ آدمَ كالسجارَه فما يبقى لديه سوى المرارَه فلم يجنِ سوى الخرشوفِ منه فقد أمست خراشفُهُ ثمارَه يتمّمُ عمرَهُ جريًا ف...